"حرب تحطّم جيلا": دراسة تكشف عن صدمات نفسية وميول انتحارية لدى المراهقين الأوكرانيين

لبنان اليوم

أظهرت دراسة واسعة النطاق، أجراها مركز أبحاث الطب النفسي للأطفال بجامعة توركو الفنلندية، أن المراهقين الذين عايشوا تصاعد “الحرب الروسية الأوكرانية” يعانون من مستويات مقلقة من الضغط النفسي.

فقد أظهر الشباب الذين مروا بتجربة الصراع بأكمله، بدءًا من الحرب الأولى عام 2014، وصولًا إلى الهجوم الشامل الذي بدأ في فبراير 2022، مستويات مرتفعة من اضطراب ما بعد الصدمة، وأعراض الاكتئاب، ومحاولات الانتحار.

وتشير الدراسة إلى أن 16% من المراهقين الأوكرانيين الذين تعرضوا لكلا مرحلتي “الحرب الروسية الأوكرانية” يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، مقارنة بنسبة 1% فقط لدى أقرانهم الذين لم يتعرضوا للحرب. كما أن أكثر من 10% منهم يعانون من أعراض اكتئاب حادة، مقارنة بنسبة 3% لدى أقرانهم الذين لم يتعرضوا للصراع.

وقال الباحث الرئيسي في الدراسة المنشورة في مجلة JAMA Pediatrics البروفيسور أندريه سوراندر، إنّ:

  • “التأثير التراكمي للحرب طويلة الأمد والمتصاعدة على عقول الشباب عميق”.
  • “المراهقون الذين يعانون من صدمات متكررة معرضون بشكل خاص لاضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والميول الانتحارية”.

جيل في خطر

تعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تقارن آثار الحرب على الصحة النفسية خلال مراحلها المختلفة.

واستخدم الباحثون مسحين واسعي النطاق أُجريا في المدارس خلال عامي 2016-2017 و2023-2024، لتقييم حالة 5486 مراهقًا تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عامًا من منطقتي دونيتسك وكيروفوغراد. ومن خلال إعادة المسح بعد سنوات، تمكن الفريق من الكشف عن كيفية تفاقم الأضرار النفسية نتيجة استمرار النزاع وتصاعد حدّته.

ارتفاع معدلات الانتحار

تتجاوز هذه النتائج اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب، إذ أظهر المراهقون الذين تعرضوا للحرب مستويات أعلى بكثير من محاولات الانتحار. فقد أبلغ أكثر من 10% من المراهقين الذين تعرضوا لمرحلتي الحرب عن محاولتهم الانتحار، مقارنة بنسبة 4% بين أقرانهم الذين لم يتعرضوا لها.

وأوضح سوراندر أنّ:

  • “أيّ تعرض، سواء خلال المرحلة المبكّرة أو الحرب الشاملة، يرتبط بزيادة خطر التفكير في الانتحار”.
  • “أولئك الذين يعانون بالفعل من مشاكل في الصحة النفسية يكونون أكثر عرضة للخطر بعد تعرضهم لصدمات مرتبطة بالحرب”.

الفئات الأكثر عرضة للخطر

كانت الفتيات والمراهقات الأكبر سنًا أكثر عرضة للإبلاغ عن الأعراض، وكذلك أولئك الذين لا يعيشون مع والديهم البيولوجيين. وقد أضاف تفكك البنية الأسرية بعدًا آخر من الضغط النفسي.

وقال سوراندر: “إنّ البيئة الأسرية الآمنة والداعمة تُعدّ عاملًا وقائيًا أساسيًا. فعندما تُفرّق الحرب بين العائلات أو تتسبب في فقدان الأحبة، يختفي هذا الاستقرار. ويشعر المراهقون بانعدام الأمان، وقلة الدعم، وعدم اليقين بشأن المستقبل”.

تحذير جدي

مع دخول الحرب الشاملة عامها الرابع، يحذر الباحثون من أن الاحتياجات المتعلقة بالصحة النفسية للشباب الأوكراني تتطلب اهتمامًا فوريًا ومستمرًا.

ويؤكدون أن دعم المراهقين يجب أن يبدأ بتوسيع نطاق خدمات الصحة النفسية المتاحة والمراعية للصدمات النفسية، والقادرة على تلبية الطلب المتزايد بشكل حاد.

كما أن تعزيز قدرات المعلمين والعاملين في المدارس والعاملين في مجال الرعاية الصحية، على التعرف إلى الضغوط النفسية الناجمة عن الحرب والاستجابة لها أمر بالغ الأهمية.

بالإضافة إلى ذلك، يسلط الباحثون الضوء على أهمية مساعدة الأسر على إعادة بناء الأمن والاستقرار بعد النزوح أو الانفصال أو الخسارة.