
جويل ريبورن آت !! وداعا مورغان اورتاغوس ..
من هو بديل مورغان أورتاغوس؟ التغييرات الأميركية المرتقبة وأثرها على لبنان والمنطقة
في تطور مفصلي يعكس تحوّلًا محوريًا في السياسة الأميركية تجاه لبنان والمنطقة، برزت تسريبات حول نية الإدارة الأميركية استبدال المتحدثة السابقة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها تحمل أبعادًا أعمق من مجرد تبديل إداري روتيني، وتُنبئ بإعادة رسم الدور الأميركي في الشرق الأوسط، خصوصًا في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة.
مورغان أورتاغوس, رمز المرحلة التصادمية
منذ تعيينها، اتّسم أداء مورغان أورتاغوس بالحدة والخطاب الهجومي، لا سيما تجاه حزب الله والدولة اللبنانية. لعبت دورًا واضحًا في تصعيد اللهجة الأميركية، وكانت الواجهة الإعلامية لسياسات الضغط القصوى على لبنان، في انسجام مع توجهات إدارة ترامب آنذاك، والتي اعتمدت مقاربة المواجهة المباشرة كأداة للتأثير السياسي.
غير أن هذا النهج، ورغم أنه لاقى ترحيبًا في أوساط معارِضة لحزب الله، أصبح عبئًا دبلوماسيًا بمرور الوقت. إذ عبّرت رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب في لبنان عن امتعاضهما من تجاوزات أورتاغوس للأعراف الدبلوماسية، ووصل الأمر إلى حد تقديم احتجاج رسمي من قصر بعبدا إلى واشنطن.
لماذا يتم التفكير في استبدال مورغان أورتاغوس؟
تعود الأسباب إلى عوامل عدّة، أبرزها:
- فشل المقاربة التصادمية: بعد سنوات من التصعيد، لم تحقق واشنطن الأهداف المرجوّة في لبنان، بل ساهمت في تعقيد المشهد الداخلي اللبناني.
- الاستياء الدبلوماسي الداخلي: تسريبات تحدثت عن اعتراضات من داخل السفارة الأميركية في عوكر على أداء أورتاغوس المتفرّد وغير المنسّق.
- التحول في أولويات واشنطن: يبدو أن واشنطن بدأت تعيد ترتيب أولوياتها في المنطقة، وخصوصًا في ما يتعلّق بإيران وسوريا، وهو ما يتطلّب شخصيات أكثر مرونة وخبرة في الملفات المعقّدة.
جويل ريبورن، الاسم الأوفر حظاً ليكون بديل أورتاغوس
من بين الأسماء المطروحة بقوة كبديل محتمل، يبرز اسم جويل ريبورن، السفير الأميركي السابق إلى سوريا. يتمتع ريبورن بخبرة واسعة تمتد إلى ملفات المنطقة الأكثر تعقيدًا، ويملك خلفية عسكرية استخباراتية، إلى جانب سجله في العمل الدبلوماسي.
نبذة عن جويل ريبورن:
- تولّى منصب المدير الأول لملفات إيران والعراق وسوريا ولبنان في مجلس الأمن القومي الأميركي (2017–2018).
- شغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون بلاد الشام والمبعوث الخاص إلى سوريا (2018).
- عمل كمستشار خاص لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الشيوخ الأميركي (2021).
- يشغل حاليًا موقعًا في مؤسسة “أميركا الجديدة” ضمن برنامج الأمن القومي.
- رشّحه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ليكون مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى.
ما الذي يميز ريبورن؟
- ليس دبلوماسيًا تقليديًا، بل يجمع بين الصرامة والبراغماتية.
- يمتلك علاقات وثيقة مع دوائر صنع القرار في إسرائيل، وهو ما يتوافق مع توجهات واشنطن في تعزيز التنسيق الإقليمي.
- ملمّ بتفاصيل الملف الإيراني، الذي بات على رأس أولويات البيت الأبيض.
إعادة هيكلة الدور الأميركي في الشرق الأوسط
تأتي هذه التغييرات ضمن سياق أوسع تسعى فيه واشنطن إلى إعادة ترتيب حضورها في المنطقة. فبعد تعيين توماس باراك مبعوثًا خاصًا إلى سوريا، وإعادة تقييم العلاقة مع تركيا، يبدو أن إيران باتت محور الاهتمام الأساسي.
ماذا يعني هذا التغيير للبنان؟
تغيير الشخصيات ليس مجرد إجراء إداري، بل يعكس تغيّراً في النهج. فإذا كان عهد أورتاغوس قائمًا على التصعيد والمواجهة، فإن ريبورن قد يمثل تحولًا نحو مقاربة أكثر دقة وتخطيطًا استراتيجيًا، دون أن يعني ذلك تخفيفًا للضغوط، بل إعادة توجيهها بطريقة أكثر تأثيرًا.
هل ريبورن هو الأفضل للبنان؟
يعتمد الجواب على زاوية النظر:
- من جهة، هو أكثر وعيًا بتعقيدات الملف اللبناني، وقد لا يكرر الأخطاء الإعلامية التي وقعت بها أورتاغوس.
- من جهة أخرى، خلفيته العسكرية قد تجعله أكثر تشددًا في الملفات الحساسة، خصوصًا إذا اقترنت مهامه بإدارة ما بعد مفاوضات إيران.
الدور المتوقع لأورتاغوس بعد الاستبعاد
برغم الحديث عن استبعادها، لا يعني ذلك أن أورتاغوس ستختفي عن المشهد السياسي. هناك تسريبات تتحدث عن إمكانية ضمّها إلى الفريق المفاوض مع إيران، أو تكليفها بمهام خاصة تتعلق بالتنسيق مع إسرائيل.
سبق أن شاركت أورتاغوس في محادثات سرية جرت في عُمان وروما، ويبدو أنها لا تزال تُعتبر عنصرًا مفيدًا في ملفات أخرى، ولو بعيدًا عن الساحة اللبنانية.
مستقبل السياسة الأميركية في لبنان: أي خيارات أمام الإدارة الأميركية؟
أمام واشنطن اليوم خيارات عدّة في ما يخص الملف اللبناني:
- الاستمرار في سياسة الضغط، ولكن بأدوات جديدة وشخصيات أكثر توازنًا.
- الانخراط الدبلوماسي الموسّع مع جميع الأطراف، في ظل التغيرات الإقليمية.
- التركيز على دعم مؤسسات الدولة اللبنانية بدل الاكتفاء بخطابات إدانة لحزب الله.
الموقف اللبناني الرسمي: ارتياح مشوب بالحذر
استقبال بعبدا لتسريبات استبعاد أورتاغوس كان إيجابيًا، خصوصًا بعد الحوادث الدبلوماسية التي أحدثتها. غير أن القلق لا يزال قائمًا حيال البديل، وخاصة إذا كان أكثر تشددًا في مقاربة الملفات الأمنية والسياسية.
ما يجري اليوم على صعيد التغييرات في الطاقم الأميركي المعني بالملف اللبناني ليس مجرد تعديل إداري، بل هو انعكاس لتحوّل في الأولويات الأميركية، ومحاولة لإعادة هندسة المقاربة الدبلوماسية في لبنان والمنطقة.
إذا تمّ تعيين جويل ريبورن، فإننا سنكون أمام مرحلة جديدة، قد تتسم بمزيج من الانضباط الاستراتيجي والتشدد السياسي، خصوصًا مع ترابط ملفات لبنان وسوريا وإيران. أما مورغان أورتاغوس، فقد تنقل تجربتها إلى ملف جديد، لتستمر في لعب دور، ولكن من موقع مختلف.
في كل الأحوال، يبدو أن لبنان سيظل في قلب التجاذبات الأميركية – الإيرانية، وأن أي تغيير في الشخصيات سيبقى مجرد تفصيل في سياق الصراع الأكبر.