لبنان اليوم

في تقرير مثير للجدل نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، تم تسليط الضوء على ما وصفته الصحيفة بـ”المرحلة الأخيرة” للنظام الإيراني، مؤكدة أن الجمهورية الإسلامية تواجه سلسلة متصاعدة من الأزمات الداخلية والخارجية التي قد تُفضي إلى سقوطها بعد أكثر من أربعة عقود من السلطة.

تصاعد الأزمات الداخلية في إيران

أشار التقرير إلى أن إيران، التي بدت خلال العام الماضي في أقوى حالاتها من الناحية الإقليمية، باتت الآن تقف على حافة الانهيار. ويُعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها الانهيار الاقتصادي، وتصاعد الاستياء الشعبي، والانقسامات الحادة داخل الطبقة الحاكمة.

وبحسب التقرير، فإن التضخم تجاوز 40%، في حين فقدت العملة الإيرانية أكثر من 90% من قيمتها خلال السنوات العشر الماضية. كما يقدر البنك الدولي أن أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر، فيما وصلت نسبة البطالة بين الشباب إلى نحو 27%.

الإنفاق الخارجي على حساب الشعب

واحدة من أبرز النقاط التي تطرق إليها التقرير، كانت مسألة الإنفاق الضخم لإيران على الميليشيات والجماعات المسلحة في المنطقة، والذي قدّر بما يتراوح بين 60 و80 مليار دولار خلال العقد الأخير فقط. وتشمل الجهات التي حصلت على هذا الدعم حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن، الجماعات الشيعية المسلحة في العراق، بالإضافة إلى حركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة، والنظام السوري.

وذكر التقرير أن هذا الإنفاق تم على حساب الشعب الإيراني بشكل مباشر، حيث تراجعت الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وأدوية وغذاء، مقابل تعزيز نفوذ طهران في الخارج.

فشل استراتيجية “حزام النار”

يرى التقرير أن إيران كانت قد تبنّت استراتيجية توسعية تهدف إلى تطويق إسرائيل وتهديد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط من خلال شبكة من الوكلاء المسلحين. لكن في الأشهر الأخيرة، بدأت هذه الاستراتيجية بالانهيار، نتيجة الضربات المتكررة التي تعرّض لها وكلاء إيران، سواء في سوريا أو غزة أو جنوب لبنان.

ويُشير التقرير إلى أن هذه الخسائر كشفت عن خلل جوهري في المنظومة الاستراتيجية الإيرانية، وأثبتت أن طهران استنزفت مقدراتها على مشروع توسعي لم يحقق النتائج المرجوة، بل أدى إلى عزلتها المتزايدة.

التوترات داخل النظام الحاكم

لا تقتصر الأزمة على الجانب الاقتصادي والعسكري فحسب، بل تشمل أيضاً شرخاً داخلياً عميقاً في بنية النظام. فبحسب التقرير، تعاني النخبة الحاكمة في إيران من انقسامات حادة في الرؤية السياسية، في ظل تراجع الدعم الشعبي وصعود أصوات معارضة من داخل المؤسسة الدينية نفسها.

ويطرح التقرير تساؤلات حول مدى قدرة النظام على الصمود في مواجهة هذه الضغوط المتداخلة، لا سيما في ظل ما وصفه بـ”فقدان الشرعية السياسية والأخلاقية” نتيجة القمع الوحشي للاحتجاجات والانتفاضات الشعبية التي اندلعت في عدة مراحل خلال السنوات الأخيرة.

سياسة الضغط الأقصى الأميركية تعود بقوة

من بين أبرز العوامل التي ساهمت في تضييق الخناق على إيران، تعود سياسة “الضغط الأقصى” التي أطلقتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والتي يبدو أنها ستُستأنف مجدداً مع عودة ترامب إلى الحكم، بحسب التقرير.

وخلال ولايته الأولى، ساهمت هذه السياسة في تقليص صادرات النفط الإيراني من 2.5 مليون برميل يومياً إلى أقل من 300 ألف برميل، وخسرت إيران نحو 200 مليار دولار من العائدات. واليوم، يبدو أن الإدارة الأميركية عازمة على استكمال هذه الحملة، مما يفاقم من عزلة طهران الاقتصادية والسياسية.

مفاوضات “الضرورة” مع الولايات المتحدة

في سابقة ملفتة، يشير التقرير إلى أن إيران، التي طالما رفعت شعار “الموت لأميركا”، باتت الآن مضطرة للتفاوض مع “عدوها اللدود” في محاولة لإنقاذ اقتصادها المتدهور وتقليل الضغط الدولي. وتتناول هذه المفاوضات مسألة تفكيك البرنامج النووي مقابل تخفيف العقوبات، ما يُعدّ تحولاً كبيراً في سياسة طهران التي طالما رفضت تقديم تنازلات استراتيجية.

سيناريو الانهيار: هل اقتربت النهاية حقاً؟

تختم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن الظروف الحالية لم تكن مواتية لانهيار النظام الإيراني كما هي الآن. فالنظام يعاني من انقسام داخلي، وعزلة دولية، واستياء شعبي غير مسبوق. ووفقاً للتحليل، فإن استمرار هذه الضغوط قد يُمهّد الطريق لتغيير كبير في شكل الحكم في إيران، سواء من خلال انتفاضة شعبية، أو انقلاب داخلي، أو حتى تفكك تدريجي للسلطة المركزية.