فرنسا على مفترق طرق.. والماكرونية السياسية في خطر

منذ الثامنة صباحاً، بدأ الناخبون الفرنسيون البالغ عددهم 49.5 مليون شخص بالتدفق بكثافة غير معهودة على مراكز الاقتراع، في إطار الجولة الأولى من الانتخابات لاختيار نوابهم الـ577 من بين 4011 مرشحاً، وذلك لولاية من خمس سنوات، حيث بلغت نسبة المشاركة عند الخامسة بالتوقيت المحلي 59.39%، مقارنةً بـ 39.42% في الساعة نفسها من انتخابات 2022 التشريعية. 


وقال ماتيو غالار، مدير الدراسات في معهد “إيبسوس” لاستطلاعات الرأي، عبر منصة “إكس” إنّها “النسبة الأعلى منذ انتخابات 1981 التشريعية”.

وتجري فرنسا الجولة الأولى من هذه الانتخابات، في استحقاق يُوصف بأنّه قد يحدث انقلاباً في المشهد السياسي في البلاد، وسط فرص لأحزاب أقصى اليمين في تحقيق المكاسب، وتحديات يواجهها المعسكر الرئاسي، بحسب استطلاعات الرأي، فيما ستجري الانتخابات على جولتين، وتُختتم في السابع من تموز.

وبانتظار الجولة الثانية الأحد المقبل، التي سترسم صورة المجلس النيابي الجديد والتوازنات السياسية الجديدة، يبدو واضحاً، اليوم، أن التحدي الأكبر سيواجهه “ائتلاف الوسط” المشكّل من الأحزاب الثلاثة “تجدد”، و”الحركة الديمقراطية”، و”هورايزون” الداعمة للرئيس إيمانويل ماكرون وعهده، إذ في خضم هذه المعركة، يشعر العديد من الفرنسيين بالإحباط إزاء التضخم والمخاوف الاقتصادية، فضلا عن قيادة الرئيس، إيمانويل ماكرون، التي يرون أنها متعجرفة وبعيدة عن حياتهم.

واستغل حزب “التجمع الوطني” المناهض للهجرة هذا السخط وأججه، لا سيما عبر منصات الإنترنت مثل تيك توك، وهيمن على جميع استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، والدليل على ذلك “وقبل أن تظهر نتائج الجولة الأولى من الانتخابات”، التراجع الكبير للوائح “ائتلاف الوسط”، والنسبة غير المسبوقة من أصوات الناخبين التي ترجح استطلاعات الرأي منذ ثلاثة أسابيع أن يحصل عليها اليمين المتطرف. وذهب الرئيس السابق فرنسوا هولاند إلى أن “الماكرونية السياسية قد انتهت”.

 

وإذا صدقت استطلاعات الرأي وفاز اليمين المتطرف بالأكثرية النيابية “289 نائباً”، أو اقترب منها إلى حد بعيد بحيث يحصل على الأكثرية النسبية، فلن يكون من مفر لماكرون سوى استدعاء رئيس الحزب المذكور لتشكيل حكومة جديدة، بحيث تصبح السلطة التنفيذية في فرنسا برأسين في إطار ما يسمى “المساكنة” بين رئيس للجمهورية من فريق، وحكومة من فريق آخر.

والمفارقة أن ماكرون وعد الفرنسيين منذ انتخابه الأول أن هدفه السياسي الأول هو محاربة اليمين المتطرف، ومنعه من حكم البلاد. لكن النتيجة جاءت مغايرة للواقع تماماً، إذ بعد سبع سنوات على رأس الجمهورية، ها هو يقدم السلطة على “طبق من فضة” لليمين المتطرف الواصل إليها مع برنامج شعبوي وخطط تتعارض مع الدستور الفرنسي، ولا تحترم القيم المعمول بها في إطار الجمهورية.

 

كيف تسير عملية التصويت؟
هناك 49 مليون ناخب مسجل في فرنسا. ويجري التنافس على 577 دائرة، ولكل دائرة مقعد في الجمعية الوطنية، وهي الغرفة الأدنى في البرلمان.

ويُنتخب المرشحون الذين يحصلون على أغلبية مطلقة من الأصوات في دوائرهم بالجولة الأولى. وفي أغلب الحالات لا يستوفي أي مرشح هذه المعايير، وتُجرى جولة ثانية.

وللتأهل للجولة الثانية، يحتاج المرشحون إلى أصوات في الجولة الأولى، لا تقل عن 12.5 بالمئة من أصوات الناخبين المسجلين.

ومن يحصد أكبر عدد من الأصوات يفوز بالجولة الثانية.

وبلغت نسبة المشاركة في منتصف النهار خلال الجولة الأولى 25.9 بالمئة، وفقا لأرقام وزارة الداخلية، وهي نسبة أعلى من الانتخابات التشريعية لعام 2022 في هذا الوقت من اليوم. كانت النسبة 18.43 بالمئة في منتصف النهار قبل عامين.

متى تُعلن النتائج؟
ينتهي التصويت في الجولة الأولى في الثامنة مساءً اليوم الأحد، وهو التوقيت الذي ستنشر فيه مراكز استطلاعات الرأي التوقعات على مستوى البلاد، استناداً إلى فرز جزئي للأصوات.

وعادةً ما تكون هذه التوقعات موثوقة، في حين تبدأ النتائج الرسمية في الظهور تدريجياً بدءاً من الثامنة مساءً. وعادةً ما يتسم فرز الأصوات بالسرعة، ويُعلن الفائزون بجميع المقاعد، أو جميعها تقريباً، في نهاية اليوم.

من سيدير الحكومة؟
يعيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء، وعادةً ما يكون من الحزب الذي حصد أغلبية الأصوات.

ولأول مرة في تاريخ فرنسا بعد الحرب، ربما يفوز أقصى اليمين، حسبما تظهر استطلاعات الرأي، فيما من المتوقع أن يفوز ائتلاف من تيار اليسار بثاني أكبر عدد من المقاعد، وأن يحل ثالثاً ائتلاف ينتمي للوسط، بقيادة ماكرون. (الشرق الأوسط – الحرة)

سعر صرف الدولار في لبنان اليوم لحظة بلحظة

«
زر الذهاب إلى الأعلى