قتل وتهجير وتجويع.. هل تنجح إسرائيل بكسر صمود الفلسطينيين؟


كتب موقع “الجزيرة نت”: منذ بداية العدوان على قطاع غزة كان تركيز الجيش الإسرائيلي على استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية والمنشآت المدنية، وترافق ذلك مع الاستهداف المباشر للفلسطينيين أثناء نزوحهم إلى الأماكن الآمنة التي حددت لهم، فضلا عن تعمد استهداف المدنيين الذين لجؤوا إلى المستشفيات والمدارس.

وأضاف الموقع أن “الجيش الإسرائيلي أتبع ذلك بجملة تجويع ممنهجة من خلال تعطيل مرور المساعدات من معبر رفح ومنع مرورها إلى شمال غزة، لإحكام الخناق على الفلسطينيين هناك وتسريع نزوحهم إلى الجنوب، مما تسبب في مجاعة حقيقية لمن بقي هناك أدت إلى موت العشرات، وتعرض الآلاف منهم لسوء التغذية، إضافة إلى تفشي الأمراض بينهم”.

كما أقدم على اعتقال آلاف المدنيين في الضفة وقطاع غزة الذين تعرضوا لانتهاكات جسيمة خلال عملية الاعتقال، إضافة إلى ما كشفته المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان مؤخرا عن تعرض نساء وفتيات فلسطينيات محتجزات لأشكال متعددة من الانتهاكات.

وفي السياق، كشفت اليونيسيف أن 90% من الأطفال في غزة دون سن الثانية و95% من النساء الحوامل والمرضعات يواجهن فقرا غذائيا حادا، الأمر الذي يعني أن الاحتلال تسبب بأزمة مجاعة حقيقية قد تكون غير مسبوقة في حروب التاريخ الحديث.

وتعمد الجيش الإسرائيلي تهجير نحو 1.4 مليون فلسطيني إلى جنوب غزة على أمل تهجيرهم إلى مصر بدعم أميركي في البداية، وهو أمر لم ينجح بسبب صمود الشعب الفلسطيني، مترافقا مع رفض مصر استقبال اللاجئين واعتبار ذلك تهديدا لأمنها القومي، وإن كانت نسقت مع إسرائيل في سعيها لاحتلال معبر صلاح الدين (فيلادلفيا).

جاء كل ذلك بهدف الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من خلال إنهاك الحاضنة الشعبية ودفعها إلى الضغط على المقاومة للاستسلام، وذلك بعد أن فشلت اسرائيل في تحقيق إنجاز حقيقي على الأرض في القضاء على المقاومة وتحرير أسراه بغزة.

وبررت الحكومة الاسرائيلية تقييدها دخول المساعدات والوقود بأنها تذهب إلى حركة حماس.

وفي المحصلة، فإن إسرائيل تشن حربها، ليس على حماس، وإنما ضد الشعب الفلسطيني بجريرة أنه يوفر الدعم والإسناد للمقاومة، ونلفت هنا إلى ما أوردته صحيفة هآرتس، إذ قالت إن “هذه الحرب أكدت صحة رواية حركة حماس بأن حرب إسرائيل هي ضد الشعب الفلسطيني وجميع المسلمين، وليس ضد حماس وحدها”.

ولذلك وجدت واشنطن نفسها وحيدة في معارضة مشروع القرار الجزائري في مجلس الأمن والداعي لوقف إطلاق النار، واضطرت إلى استخدام الفيتو لمنعه بسبب موافقة 13 دولة من أصل 15 عليه، وامتناع بريطانيا الحليفة الوثيقة لها عن التصويت.

وهذا ما دفع مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز لتقول إن “الولايات المتحدة تختطف مجلس الأمن باستخدامها حق النقض 3 مرات ودعمها المطلق لإسرائيل”.

وبدأت إسرائيل تواجه عزلة دولية غير مسبوقة في تاريخها بسبب ممارساتها، وبدأت هذه العزلة بالخلافات الشديدة مع بايدن بشأن استهداف المدنيين، وخطة اليوم التالي للحرب، والدولة المستقلة، فضلا عن ممارسات المستوطنين في الضفة الغربية التي دفعت واشنطن إلى فرض عقوبات على 4 منهم، وهو ما حذت حذوه بريطانيا وفرنسا.

وفي تداعيات أخرى، صدر قرار من محكمة في هولندا بحظر بيع أسلحة إلى إسرائيل، وتوقفت إيطاليا عن بيع أسلحة إليها، فيما دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل المجموعة الدولية إلى دراسة إمكانية تقليص السلاح المورد لإسرائيل، إضافة إلى خفض تصنيفها الائتماني.

وفي هذا السياق، وصف رونين برغمان محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الأجواء التي سادت مؤتمر ميونيخ الأمني -الذي عُقد مؤخرا بسبب الحرب على غزة- بأنها تدل على أن “إسرائيل موجودة في ذروة تحوّل يزداد تفاقما وشدة ويجري بوتيرة متسارعة، وفي نهايته ستكون دولة معزولة، منبوذة، مقاطعة وبغيضة”.

ونقل بيرغمان عن مسؤول إسرائيلي وصفه بأنه “رفيع جدا” قوله “أنا قلق لأن التحولات -التي نراها هنا في جميع الأحداث بالمؤتمر، هذا التآكل في النظرة إلينا، التدهور إلى الهاوية، بانهيار مكانة إسرائيل الدولية- ستتحول إلى سقوط حر”.

ويضيف “هكذا هي الأمور عند الهاويات، أنت ترى طرف الجرف، وتبذل جهودا كبيرة كي تتوقف أو تؤخر الوصول إلى هناك على الأقل، وتتمسك بأي حجر أو كومة تراب، حتى ذرة التراب الأخيرة، لكن إذا لم تنجح بالتوقف ووصلت إلى هناك عندها يكون السقوط من هناك حرا إلى الأسفل”.

وأضاف “إذا لم نتوقف هنا فإنه في مؤتمر ميونيخ المقبل سننظر إلى الخلف ونقول إننا خطونا هذه السنة خطوة كبيرة إلى الأمام، إلى هاوية الموت”.

وقال الموقع إن “كل هذه التداعيات لم تكن كافية للجم الكيان، ولم تدفعه إلى تغيير سياساته على الأرض متسلحا بالدعم الأميركي، وربما رأى نتنياهو أنه قادر على الصمود في وجه ضغوط إدارة بايدن انتظارا لتغيير ممكن لصالح ترامب في الانتخابات الرئاسية هذا العام، حيث يعتقد نتنياهو أن حجم الضغوط عليه ستكون أقل، ليبقى يسوّق نفسه على أن أول رئيس وزراء إسرائيلي يصمد في وجه الضغوط الأميركية”.

سعر صرف الدولار في لبنان اليوم لحظة بلحظة

«
زر الذهاب إلى الأعلى