الغرب لم يفرض عقوبات كافية لردع روسيا


رأت صحيفة “Financial Times” البريطانية أن “الوقت قد حان لإعادة تركيز النهج الغربي في التعامل مع العقوبات المفروضة على روسيا. لقد مر ما يقرب من عامين منذ أن شنت البلاد غزوها الشامل لأوكرانيا، في هجوم غير مسبوق أدى إلى استجابة غير مسبوقة من العالم الديمقراطي. وفي غضون أسابيع، انضمت دول مثل كوريا الجنوبية وأستراليا واليابان إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في تطبيق العقوبات. وبحلول نهاية عام 2023، كان هناك أكثر من 18000 إجراء نشط يستهدف أفرادًا أو كيانات روسية”.

Advertisement










وبحسب الصحيفة، “في أعقاب الغزو مباشرة، تم عزل روسيا إلى حد كبير عن النظام المالي العالمي وتم تجميد أكثر من 300 مليار دولار من أصولها في كل أنحاء العالم. وكان الأمل في أن تؤدي هذه الصدمة إلى شل الاقتصاد الروسي، وإضعاف قدرته على تمويل الحرب، وإجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية المطاف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. لسوء الحظ، هذا لم يحدث. لقد تدهور الاقتصاد لكنه لم يُدمر. لقد تحول الصراع الآن إلى حرب استنزاف طاحنة، وسوف يعتمد النصر إلى حد كبير على قدرة أوكرانيا وحلفائها على التفوق على روسيا في الإنتاج. إذاً، يتعين على الغرب أن يعيد تنظيم سياسة العقوبات لديه بحيث تتوافق مع هذا الهدف، كما ويجب أن يدرك أنه على الرغم من أن هذه الإجراءات لن تجبر موسكو على إنهاء الحرب بين عشية وضحاها، إلا أنها أداة أخرى لتعطيل وتدهور وسائل الإنتاج في البلاد”.
وتابعت الصحيفة، “على الغرب إعادة التركيز في ثلاثة مجالات أولاً، يتعين عليه تشديد إنفاذ العقوبات الحالية لمنع المكونات الغربية من الوصول إلى المجمع الصناعي العسكري الروسي. ثانياً، تشديد العقوبات ضد الصناعات الثقيلة، التي تم اختيارها لدعم المجهود الحربي. وأخيرًا، استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل انتصار أوكرانيا وتعافيها. وعلى الرغم من الجولات المتعددة من العقوبات، فإن ما قيمته أكثر من 2.6 مليار يورو من المكونات الغربية الصنع التي يمكن استخدامها في الإنتاج العسكري وصلت إلى روسيا في عام 2023. ووجد التحليل الذي أجرته كلية كييف للاقتصاد ما يقرب من 2800 مكون أجنبي في الأسلحة الروسية المدمرة أو التي تم الاستيلاء عليها، بما في ذلك الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت المستخدمة لضرب المدن الأوكرانية الكبرى والبنية التحتية الحيوية”.
وأضافت الصحيفة، “على الغرب ممارسة ضغوط أكبر بكثير على الشركات الغربية لضمان عدم حدوث ذلك. كما وينبغي التحقيق في الارتفاعات المشبوهة في المبيعات إلى البلدان المعروفة بأنها تعمل بدورها على زيادة الصادرات إلى روسيا، مثل الإمارات العربية المتحدة أو كازاخستان أو قيرغيزستان، وحظرها عند الضرورة. ويجب أن يكون هدف الغرب قطع أو إتلاف خطوط الإمداد للمجمع الصناعي العسكري الروسي. خلال العام الماضي، جهزت روسيا اقتصادها لصراع طويل، لقد نفضت الغبار عن قواعد اللعبة السوفييتية واختارت الصناعة الثقيلة لدعم المجهود الحربي. إذاً، يتعين على الحكومات الغربية أن ترد من خلال تعزيز العقوبات على وسائل إنتاجها”.
وبحسب الصحيفة، “لابد من استهداف الصناعة النووية، فضلاً عن الشركات المنتجة للصلب والألومنيوم أو الغازات النبيلة مثل الهيليوم، ولا يزال تمويل المجهود الحربي يتم من عائدات مبيعات المواد الهيدروكربونية. إن فرض المزيد من القيود وتعطيل إمدادات النفط والغاز الروسي أمر بالغ الأهمية، ويتعين على الغرب أن يمارس الضغوط على شركة غازبروم والشركات التابعة لها، وأن يتخذ إجراءات صارمة ضد الدول التي تساعد النفط الروسي في الوصول إلى الأسواق العالمية. وأخيرا، يتعين على الزعماء الغربيين أن يتغلبوا على ترددهم في استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا. ففي الأيام الأولى للحرب، منعت الحكومات الديمقراطية وصول روسيا إلى أكثر من 300 مليار يورو من احتياطات النقد الأجنبي. وفي حين يتصارع صناع السياسات على ضفتي الأطلسي حول كيفية تمويل المجهود الحربي في كييف، فإن هذا يشكل مصدراً للدخل لم يعد بوسعنا أن نتجاهله”.
وأضافت الصحيفة، “حتى الآن، أعربت حكومات مجموعة السبع عن قلقها من قيام دول أخرى بسحب احتياطاتها الخاصة من الدول الأعضاء ردا على مثل هذه الخطوة، وهذا الخوف مبالغ فيه، وينبغي أن يكون مصدر القلق الأكبر هو أن يؤدي تقاعس الغرب عن العمل إلى نجاح روسيا في أوكرانيا. وفي الواقع، هذا من شأنه أن يشكل سابقة أكثر خطورة بكثير. إن تحرير أكثر من 300 مليار يورو لن يوفر تمويلاً حيوياً لأوكرانيا فحسب، بل سيرسل أيضاً رسالة واضحة إلى بوتين مفادها أنه لن يفلت من العقاب. ربما تكون العقوبات المفروضة على مدى عامين قد فشلت في إرغام الاقتصاد الروسي على الركوع، لكن هذا لا يعني أنها لم تخلف أي تأثير. وقد تعطي الزيادات الهائلة في الإنفاق الدفاعي دفعة قصيرة الأجل للناتج المحلي الإجمالي، لكن العقوبات تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشركات وتقييد الوصول إلى أحدث التقنيات، مما يضر بإنتاجية البلاد على المدى الطويل”.
وختمت الصحيفة، “لن تكون العقوبات سلاحاً فعالاً بنسبة 100%، ولكن في حرب الاستنزاف يتعين على الغرب أن يستخدم كل ما في ترسانته لتحقيق النصر الأوكراني”.

سعر صرف الدولار في لبنان اليوم لحظة بلحظة

«
زر الذهاب إلى الأعلى