هل تستفيد قناة السويس من تأثر قناة بنما بالجفاف؟


يُتوقع أن يرتفع عدد السفن التي تمر بقناة السويس المصرية خلال الفترات المقبلة، لا سيما مع محاولة عديد الناقلات، التي تحمل الغاز الأميركي إلى شمال شرق آسيا، إلى تجنب مسار قناة بنما التي تشهد موجة جفاف تاريخية تؤثر على اضطرابات في حركة الشحن.

 

 ومع تشديد قيود عبور الشاحنات عبر قناة بنما في ظل الإشكالات المختلفة التي تواجهها القناة، تحول سفن بالفعل وجهتها إلى قناة السويس؛ للهروب من الخيارات الصعبة التي تواجهها لدى العبور من قناة بنما، بما في ذلك الاضطرار إلى الانتظار لفترات طويلة وارتفاع تكلفة الشحن لأسبقية العبور.

 

من بين تلك الناقلات سفينتان تابعتان لشركة “كوريا غاز كورب”، تحملات الغاز الأميركي المسال، تم الإعلان عن استخدامهما لقناة السويس، بدلاً عن مسار قناة بنما، كذلك السفينة “بريزم بريليانس” التابع لشركة “إس كيه إي أند إس” الكورية الجنوبية، التي تتجه إلى قناة السويس كمسار بديل بسبب القيود في قناة بنما.

 

وأمام موجة الجفاف التاريخية التي تشهدها قناة بنما فرضت القناة قيوداً على عبور السفن تستمر حتى شهر شباط من العام المقبل 2024، تضمنت عدم السماح سوى لـ 18 رحلة يومياً فقط بالعبور (وهو ما يمثل تراجعاً نسبته 50 بالمئة مقارنة بالمعدلات اليومية المحققة في العام الماضي 2022).

 

ويقول خبير اقتصادات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن:

القناة تعاني من الجفاف وآثار التغير المناخي المتمثل بظاهرة النينو، وبما يؤدي إلى هبوط منسوب المياه.

يخلق ذلك عراقيل لوجيستية؛ بسبب القيود التي تفرضها سلطة القناة على حركة الشحن البحري وتخفيض عدد ناقلات النفط والغاز الطبيعي المسال وسفن الحاويات التي تمر من القناة، مما يخلق ازدحاماً وتاخيراً من أسبوع لأسبوعين.

وأضاف: “بحسب تقرير اس آند بي غلوبال في 21 تشرين الثاني الجاري، فإن البديل المفضل لقناة بنما للشحن من آسيا للولايات المتحدة والعكس -خاصة بالنسبة لناقلات النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركية- هي قناة السويس التي ستشهد ارتفاع عدد السفن وناقلات الغاز الطبيعي المسال لشمال آسيا ودول المحيط الهادي”.

 

وبسبب التقييدات التي تفرضها سلطة قناة بنما أمام ناقلات الغاز الطبيعي المسال العملاقة فسوف تضطر 15 ناقلة على الأقل شهرياً للتوجه إلى قناة السويس وفي بعض الحالات إلى رأس الرجاء الصالح جنوب أفريقيا إلى آسيا، ومع قدوم الشتاء البارد سيرتفع الطلب على الغاز الطبيعي المسال، ومن ثم سترتفع أسعار الغاز الطبيعي المسال في الأسواق العالمية“.

 

 وتشير بيانات “واي بوينت بورت سيرفسز”، إلى تكبد شركات الشحن ما قيمته 235 مليون دولار منذ بداية العام الجاري؛ وذلك بهدف تجنب الانتظار الطويل في قناة بنما، يمثل هذا المبلغ زيادة بنسبة 20 بالمئة عن معدلات العام الماضي.

 

يأتي ذلك في وقت تواجه فيه الشركات خيارات صعبة ما بين الاضطرار إلى الانتظار لفترات طويلة، أو دفع مزيد من الرسوم للعبور بتكلفة باهظة، في وقت تجري فيه القناة مزادات لتحصيل الرسوم لتحديد أولوية المرور.

 

حتى أن إحدى الشركات تم إجبارها أخيراً على دفع 3.98 مليون دولار في مزاد، بهدف اختصار مسافة الانتظار.

 

 من جانبه، يقول الباحث المصري في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبوبكر الديب، إن:

 قناة بنما وباعتبارها رابط استراتيجي بين المحيطين الأطلسي والهادئ، وفي ظل ما تشهده من جفاف منذ أغسطس، فإن ذلك يؤثر على حركة السفن والتبادل التجاري عبر القناة (حيث تشهد مرور 6 بالمئة من حركة التجارة البحرية العالمية، أو 1000 سفينة شهرياً تحمل 40 مليون طن من البضائع).

هذا الأمر من شأنه أن يفيد قناة السويس في مصر، لجهة تحول جزء من السفن إليها، وبما ينعكس على إيرادات القناة بالفعل.

يمكن أن تتحول 2 بالمئة من معدلات التجارة العالمية التي تعبر قناة بنما إلى قناة السويس في مصر، وهو ما يدفع إلى زيادة أرباح وإيرادات القناة المصرية نحو مستويات الـ 11 مليار دولار.

ويشار هنا إلى تحقيق قناة السويس إيرادات بقيمة 9.4 مليار في العام المالي 2022 – 2023.

 ويلفت الديب، في معرض تصريحاته لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى الاختلافات بين قناة بنما وقناة السويس؛ ذلك أن الأولى تعمل عبر الأهوسة، ويتم توفير المياه فيها من خلال بحيرة غاتون، وهي البحيرة التي تعاني من انخفاض منسوب المياه فيها، على أثر موسم الجفاف وتبعات أزمة تغير المناخ التي يعاني منها العالم، وفي ظل ارتفاع معدلات درجات حرارة المياه في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ في آن واحد. بينما على الجانب الآخر فإن قناة السويس المصرية تعمل بمسار مائي مفتوح وآمن.

 ويشدد الديب على أن بعض السفن،  لا سيما التي تحمل شحنات الغاز المسال- تضطر إلى تفريغ بعض حمولاتها من أجل تخفيفها وتقليل الغاطس من بدنها في الماء بسبب طول قترة الانتظار في قناة بنما.. وبالتالي يدفع ذلك السفن إلى البحث عن ممرات جديدة، وعلى رأسها قناة السويس”.

 

لكن على الجانب الآخر، يقلل خبير الاقتصاد الدولي، عبدالنبي عبد المطلب، من  احتمالية التأثير طويل الأجل للعراقيل اللوجيستسية التي تشهدها قناة بنما على حركة التجارة العالمية وحركة السفن، في ظل القيود المفروضة حتى فبراير المقبل.

 ويشير في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن “قناة بنما تخدم في المقام الأول المنطقة بين أميركا الشمالية والجنوبية.. ومنذ فترة طويلة تواجه القناة عديداً من المشاكل، من بينها المشكلات المرتبطة بعدم الاستقرار السياسي في المنطقة المحيطة في بعض الأحيان“.

 ويستطرد: “في اعتقادي أن ذلك لن يؤثر بشكل كبير على حركة التجارة العالمية بشكل عام، ذلك أن الولايات المتحدة تمتلك الكثير من الوسائل الأخرى، ولديها أساطيل نقل جوي، بما يمكنها من مباشرة دورها في حركة التجارة العالمية مع الشركات المستفيدة من قناة بنما“.

 

ويشار هنا إلى أن ناقلات الغاز تحتاج في رحلتها من ساحل الخليج الأميركي إلى شمال شرق آسيا عبر قناة بنما 24 يوماً، مقابل 36 يوماً حال استخدام طريق قناة السويس، و38 يوماً عبر رأس الرجاء الصالح.

المصدر

سعر صرف الدولار في لبنان اليوم لحظة بلحظة

«
زر الذهاب إلى الأعلى