لماذا لا يسبق الحوار انتخاب رئيس المجلس؟

 

ما دعا اليه البطريرك الماروني بشارة الراعي لانعقاد جلسات انتخاب متتالية لانتخاب رئيس من بين مرشحين معلنين وليس القفز سريعا الى حوار يدعو اليه الثنائي الشيعي في شكل خاص ويروج ان باريس قد تعمد اليه كاحد ابرز الاقتراحات التي تعمل عليها لدى عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان نهاية الشهر الحالي، هو ما يتفق سياسيون على انه الخيار الانسب .

حتى الان الحوار حق انما يراد به باطل في ظل جملة اسئلة اولها لماذا الحوار مشكلة ولماذا الاعتراض عليه . ويأتي الجواب ان الاعتراض ليس على مبدأ الحوار انما لماذا الان وعلام الحوار ولماذا ؟ هل هو من اجل الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية ولم لا ينطبق ذلك على رئيس المجلس النيابي لجهة تأمين توافق حول انتخابه لمدة اربع سنوات وربما اكثر تماما كما يتم اشتراط التوافق على اسم رئيس الجمهورية الذي يحكم لمدة ست سنوات . فازمة الثقة بين القوى السياسية هي نفسها ولماذا يسمح لرئيس المجلس الفوز بصوت واحد فقط واكسابه شرعية انتخابية ديموقراطية يتم حرمان الرئاسة الاولى منها. او الحوار هو على مواصفات الرئيس العتيد والتي حصرها ” حزب الله” بواقع انه لا يطعنه في ظهره ، اي انه اختصر مواصفات الرئيس العتيد بما يريده لنفسه فحسب ، في الوقت الذي يشهد لبنان ازمة مصيرية خطيرة لا يرد في خلالها ما هي المواصفات التي يحتاج اليها لبنان لاخراجه من ازمته واعدة وصله بالعالم .

واذا كان الحوار حول اولويات لبنان التي تبدأ من اولوية الخروج من الازمة الى عودة المؤسسات واعادة انهاض الدولة . وهي اولويات مهمة وضرورية تقع في مصاف كيفية بناء الدولة من جديد ولكن كيف يمكن البحث فيها خارج وجود رئيس للجمهورية من المفترض انه مسؤول عن هذه الاولويات ولا يمكن تقييده سلفا بها او باسلوب مقاربتها . ويراد بذلك ليس احراج القوى السياسية على قاعدة كيف يمكن لاي كان رفض الحوار ، وهو النتيجة الطبيعية والضرورية في كل وقت ، بل يخشى انه الية تنسف مبدأ انتخاب رئيس الجمهورية لمصلحة اختياره او الاتفاق على اسمه في تفاهم خارج الاصول الدستورية ويرسي قاعدة خارج هذه الاصول .

واذا كان الحوار هو للبحث في سلة تشمل الاتفاق على رئيس للجمهورية وسلة من الامور الاخرى تشمل رئاسة الحكومة وربما تعيينات الفئة الاولى كذلك من حاكمية المصرف المركزي وقيادة الجيش ، فان الامر ينطوي على تقييد خطير لصلاحيات رئيس الجمهورية ولكن ايضا لصلاحيات رئيس الحكومة والحكومة كذلك . وهذه المقاربة في حال اعتمادها ستكرس قاعدة او عرفا جديدا ستتم المطالبة به لدى كل محطة انتخابات رئاسية بما يخشى معه انه يتم قضم النظام او تغييره قسرا والا لكان الدستور تحدث عن اختيار رئيس الجمهورية بعد حوار وليس انتخابه . وفي هذا الاطار ، يسأل كثر اين التيار الوطني الحر من ذلك فيما اتسم عهد رئيسه ميشال عون بكل التعطيل الممكن والعرقلة تحت ذرائع الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية واستعادتها من اتفاق الطائف الذي يعتبر انه انتزعها من الرئاسة الاولى .

فنموذج اتفاق الدوحة بني على وجود مواجهات وانقسامات داخلية وحتى اقليمية حقيقية كانعكاس خطير لحرب تموز 2006 ، في حين ان الواقع الراهن لا يشي باي من ذلك فضلا عن واقع ان اتفاق الدوحة ارسى قواعد تسببت بكل سنوات التعطيل وكان مدخلا للازمة التي اودت بالبلد الى الانهيار الذي يعاني منه . ويخشى ان الذهاب الى امر مماثل يعني فقط شراء الوقت لا سيما ان كل التفاهمات السابقة اظهرت ضعفها وفشلها على رغم انها كانت تسويات بدعم خارجي لانها بنيت تحت وطأة اللحظة وضرورة الانتهاء من وضع صعب ليس الا . والازمة الفعلية ليست ازمة انتخاب رئيس للجمهورية وهي ازمة مفتعلة بل هي ازمة انهيار بلد بات يتفكك وقد لا يبقى منه اي شيء بعد سنة ربما .

 

فمن جهة انزلاق فرنسا الى خيار مماثل لا يعني بالنسبة الى قوى سياسية عدة انها لاعب حكم بل هي لاعب وشريك طرف على قاعدة استشهاد كثر بكلام يتم نسبه الى رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره من ان اتصالا من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طلب منه دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه . ويتخوف كثر من المسار الجديد الذي يفتحه الفرنسيون اي مسار الحوار .

اذ ان مقاربة الحوار المحتملة لم ترد في جدول اعمال باريس الا نتيجة وصول فريق الثنائي الشيعي الى افق مسدود في الخطة( الف ) التي اعتمدها اي تأمين 65 صوتا قال الثنائي انه يستطيع توفيرها لرئيس تيار المردة وعجز عن ذلك . وتستمر قوى سياسية في عدم الترحيب بالوساطة الفرنسية على هذه القاعدة وعلى خلفية الرغبة في رؤية فرنسا قوة دفع نحو حل لمصلحة لبنان وليس قوة تسوية تضع خدماتها في مصلحة طرف كان يطالب بالانتخابات على مدى اشهر حتى اذا اصطدم بعائق عدم القدرة على ايصال مرشحه بالانتخاب طالب بحوار . وليس واضحا من اقنع الفرنسيين بذلك او اذا كان موضوع السلة التي طرحوها في مقاربتهم السابقة هي من افكارهم علما ان المتصلين بهم يقولون ان لديهم خياراتهم الرئاسية هم ايضا سواء انتخاب فرنجيه ام لا . ولكن منتقديهم يرون ان الفرنسيين اكثر من يفترض بهم ادراك ماهية النظام اللبناني تحت وطأة عاملين : احدهما كيف يمكن لاي رئيس للجمهورية ان يأتي في ظل قيود او تفاهمات مسبقة بين قوى سياسية تقيد صلاحياته وحركته ما لم يعمد الى الانقلاب على الاتفاق الذي اوصله فور انتخابه نظرا لطابع الوصاية الذي يفرضه ذلك عليه . والثاني ان فرنسا التي تتقدم من اجل مساعدة بلد صديق ساهمت في انشائه لا يمكن ان تساهم في اضعافه واضعاف مؤسساته من خلال حلول تسووية عبر مقاربات مماثلة ، فيما ان الحوار بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وبرعايته واشرافه ومساعدة الخارج نتيجة تفاهماته قد يكون اكثر ملائمة واحتراما للدستور بدلا من الانزلاق الى ببغائية الدعوة الى الحوار من دون ادراك كثيرين لابعاده وحتى مخاطره في ظل هذا التوقيت وفي ظل الظروف الراهنة كما ترى قوى متعددة .​

المصدر

سعر صرف الدولار في لبنان اليوم لحظة بلحظة

«
زر الذهاب إلى الأعلى