إنفاق المغتربين صيفاً بين المبالغة والواقع –

يُجمع أركان القطاع السياحي أن موسم الاصطياف والسياحة هذا العام سيكون الأفضل على الإطلاق منذ العام 2010 أقله من ناحية عدد الوافدين، فكم بالحريّ بالنسبة إلى النفقات في زمن العسر والتعثّر؟ فتحويلات المغتربين كانت تأتي إلى لبنان منذ ما قبل الأزمة المالية، واستمرت خلالها، وبعدها إلى اليوم. أما إنفاقهم خلال فصل الصيف في بلدهم الأمّ، فهو موضوع آخر.

رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل يذكّر بدايةً بأن المغتربين يحوّلون سنوياً إلى لبنان ما مجموعه تقريباً 6 مليارات و500 مليون دولار إلى عائلاتهم وأقاربهم. ويقول في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني إنه “عقد اجتماعي خاص بين المغترب وأهله في لبنان، ساعدهم في مواجهة الأزمة وتراجع القدرة الشرائية وارتفاع البطالة ونسبة التضخم. كما أدّى إلى ضخّ سيولة في الاقتصاد ككل. وذهبت هذه العائدات إلى تلبية احتياجات العائلات اليومية من سكن وطبابة وفواتير ومأكل، وغيرها من الاحتياجات الأساسية.

بالنسبة إلى سياحة المغتربين خلال موسم الاصطياف، يقول غبريل، تُظهر أرقام العام 2022 وهي أحدثها على الإطلاق، أن 63% تقريباً من الذين زاروا لبنان، من المغتربين اللبنانيين. وهذه النسبة ساهمت على الأقل بـ63% من النفقات السياحية.

ويشير إلى أن “الأرقام الرسمية الوحيدة عن النفقات السياحية في لبنان، تُظهر أنها بلغت 3 مليارات و900 مليون دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2022 بارتفاع 78% أي مليارين و200 مليون دولار في الفترة نفسها من العام 2021، وهذه الأرقام رسمية تصدر عن مصرف لبنان وحده.

ويستخلص من هذه الأرقام، أن “ما يُقال عن دخول 7 مليارات دولار خلال موسم الاصطياف هو رقم مبالَغ به، إن كان لهذا العام أو للعام الماضي. فالأرقام الفصلية (كل ثلاثة أشهر) تُظهر أن النفقات السياحية بلغت 968 مليون دولار في الثلاثة ِأشهر الأولى من العام 2022، وملياراً و200 مليون دولار في الفصل الثاني منه، وملياراً و700 مليون دولار في الفصل الثالث منه أي موسم الصيف وليس كما يقال إنه سجّل 5 أو 6 مليارات دولار! فهذا المبلغ هو مجموع السنة بكاملها، مع الإقرار بأنه رقم مهم نسبةً إلى حجم اقتصاد لبنان الذي بلغ 22 مليار دولار في العام 2022.

ويلفت إلى أن “هناك نفقات سياحية من مصدر محلي، منها ودائع المغتربين في المصارف اللبنانية، إذ تُظهر الأرقام أن المغتربين اللبنانيين يستخدمون ودائعهم المجمّدة في المصارف طوال وجودهم في لبنان، لتعذّر سحبها كاملة يلجأون إلى السحوبات المحددة في تعاميم البنك المركزي وعلى مراحل متتالية لتغطية نفقات سياحتهم في لبنان. وهذا ما أظهره تحرّك أرقام الودائع المصرفية.

ويتابع، في صيف العام 2022، تراجعت الودائع في شهر آب بقيمة مليارين و800 مليون دولار مسجلاً أكبر نسبة تراجع للودائع طوال العام. وجزء كبير منها يعود إلى نفقات المغتربين في لبنان من الأموال التي أتوا بها من الخارج تُضاف إلى التي سحبوها من المصارف وأنفقونها في السوق اللبنانية، الأمر الذي يبيّن مدى مساهمة المغتربين في الحركة السياحية في لبنان.

ويوضح في السياق، أن “نفقات المغتربين تتم من خلال الدفع النقدي بالفريش دولار، والجزء الضئيل منها بالليرة اللبنانية. وذلك لا يساعد القطاع السياحي فحسب بل قطاعات عدة أيضاً، فالسياحة متعدّدة الأوجه، بدءاً من شركات تأجير السيارات، مروراً بالمطاعم والمقاهي والنوادي الليلية، وصولاً إلى الفنادق وبيوت الضيافة الجبلية والمنتجعات السياحية ومراكز التسوّق، وبعض الأحيان القطاع العقاري. فهذه النفقات تحرّك عامل الطلب والاستهلاك وتوظّف آلاف الشبان على الأقل في موسم الصيف”.

أما لجهة النفقات، فيعقّب، إخواننا الخليجيون وتحديداً من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات، هم الأكثر إنفاقاً عندما كانوا يقضون فصل الصيف في لبنان نظراً إلى قدرتهم الشرائية الكبيرة التي تفوق غيرهم من السياح.

“بدأنا نشهد موسماً سياحياً استثنائياً لا يمكننا التكهّن من الآن بالأرقام التي سيحققها وبالنفقات السياحية إن كان من الاغتراب اللبناني أو غيره”، يقول غبريل، “فعدد المغتربين والزوار سيفوق العدد المسجّل العام الماضي، كما أن الحركة اليوم أفضل من التي سجلها صيف 2022 على الرغم من أنه كان جيداً”.

ويشير إلى أن نفقات المغترب اللبناني من الـ”كاش” والتحويلات التي يستمر في تحويلها إلى ذويه، كلها تساهم في ضخّ مبالغ كبيرة في الاقتصاد وإنعاش قطاعات عدة تعتمد على الحركة السياحية وتحديداً على مجيء المغتربين إلى لبنان”.

ولم يغفل غبريل التطرّق إلى موسم الأعياد المصادفة آخر السنة وقدوم عدد من المغتربين إلى لبنان في مناسبة عيدي الأضحى والفصح، “وبالتالي النفقات ليست محصورة بموسوم الصيف. ما يزيد من مساهمة الاغتراب في الحركة الاقتصادية في البلاد”.​

المصدر

سعر صرف الدولار في لبنان اليوم لحظة بلحظة

«
زر الذهاب إلى الأعلى