اقتصاديًا.. أمر إيجابي يحدث في لبنان: تراجع التضخم وتثبيت سعر الليرة
أبريل 27, 2025
بتاريخ 27 أبريل 2025، يشهد لبنان تطورًا اقتصاديًا إيجابيًا غير مسبوق في ظل الأزمات المالية المتواصلة التي عصفت بالبلاد في السنوات الأخيرة. على الرغم من التحديات العميقة التي واجهها الاقتصاد اللبناني، تشير أحدث الإحصاءات إلى أن البلاد شهدت تراجعًا ملحوظًا في معدل التضخم، وهو ما قد يُعتبر مؤشرًا على بداية استقرار نسبي قد يساهم في دعم التعافي الاقتصادي.
تراجع التضخم: هل هو بداية التحسن؟
وفقًا لبيانات صادرة عن إدارة الإحصاء المركزي في بيروت، تراجع معدل التضخم السنوي في لبنان بشكل حاد إلى 14% في شهر آذار 2025، مقارنة بنسبة 70% في نفس الشهر من العام الفائت. يعتبر هذا التراجع من بين المؤشرات القليلة التي تشير إلى استقرار نسبي في الوضع الاقتصادي المتأزم، وهو بمثابة ضوء أخضر للمستثمرين والاقتصاديين الذين يترقبون استعادة بعض الثقة في النظام المالي.
معدل التضخم في لبنان يعد من أبرز المؤشرات الاقتصادية التي يتابعها المواطنون والمستثمرون على حد سواء، حيث يعكس قدرة الاقتصاد على الحفاظ على استقرار الأسعار والحد من الغلاء الذي يعاني منه السكان في ظل الأزمات السياسية والمالية.
عوامل تراجع التضخم: استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية
من أبرز العوامل التي ساهمت في هذا التراجع الملحوظ في معدل التضخم هو استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، الذي بقي ثابتًا منذ منتصف عام 2023 عند حدود 89,500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الأميركي. هذا الاستقرار النسبي في سعر الصرف ساعد بشكل كبير في كبح جماح ارتفاع الأسعار، خاصة في ظل التقلبات الحادة التي شهدها سعر الليرة خلال السنوات السابقة.
ويُعد هذا الثبات النقدي إنجازًا مهمًا في ظل الانهيار المتسارع الذي شهده النظام المصرفي اللبناني، والذي كان قد تسبب في تداعيات اقتصادية صعبة على جميع القطاعات. وبفضل استقرار سعر صرف الليرة، تراجعت الأسعار بشكل نسبي في العديد من السلع والخدمات، وهو ما ساعد على تخفيف الضغوط المالية على المواطنين.
التضخم الشهري: استقرار محدود رغم بعض الزيادات
رغم الانخفاض الكبير في معدل التضخم السنوي، أظهرت البيانات الأخيرة أن الأسعار واصلت الارتفاع شهريًا، وإن كان ذلك بوتيرة محدودة. في شهر آذار 2025، ارتفعت الأسعار بنسبة 0.44% على أساس شهري، وهو رقم يعكس استمرار بعض الضغوط التضخمية على بعض القطاعات الاقتصادية.
الزيادة الشهرية في الأسعار شملت مجموعة من القطاعات الأساسية التي تمس حياة المواطن اللبناني بشكل مباشر، مثل:
- الملابس
- السكن والخدمات المنزلية
- المواد الغذائية والمشروبات
هذه الزيادات، رغم كونها ضئيلة، تشير إلى أن الضغوط المعيشية لا تزال مستمرة، وأن بعض القطاعات قد لا تكون قد استفادت بالقدر نفسه من استقرار سعر الليرة اللبنانية.
السياسات النقدية وتقلص الكتلة النقدية
من جهة أخرى، أكد المصدر الاقتصادي الذي تحدث لموقع “لبنان24” أن تراجع معدلات التضخم يعود بالدرجة الأولى إلى مجموعة من السياسات النقدية والحكومية التي تم تطبيقها منذ منتصف العام الماضي. ومن أبرز هذه السياسات:
- السيطرة النسبية على سعر الصرف من خلال تدخلات محدودة ولكن فعالة من قبل مصرف لبنان.
- تقليص الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، وهو ما ساهم في الحد من التضخم الناتج عن زيادة كمية المال المتداول.
هل التراجع في التضخم يعكس تحسنًا اقتصاديًا حقيقيًا؟
على الرغم من أن تراجع التضخم يعد مؤشرًا إيجابيًا، إلا أن العديد من الخبراء الاقتصاديين يحذرون من أن هذا التحسن الظاهري لا يعكس بالضرورة تحسنًا جوهريًا في الوضع الاقتصادي اللبناني. وفقًا للمصدر الاقتصادي، فإن الاستقرار الذي تشهده الليرة اللبنانية نتيجة لتقليص الكتلة النقدية قد لا يكون مستدامًا في ظل انكماش الطلب المحلي وضعف النشاط التجاري.
يشير هذا التراجع في التضخم إلى أن الاقتصاد اللبناني قد يكون في مرحلة انكماش اقتصادي، حيث انخفض الطلب بشكل كبير بسبب تدهور القدرة الشرائية لدى المواطنين، مما أدى إلى تراجع النشاط التجاري على مستوى واسع. قد تكون هذه السياسات فعّالة في الحد من التضخم على المدى القصير، لكنها قد تؤدي أيضًا إلى تباطؤ النمو الاقتصادي على المدى الطويل إذا استمر هذا الوضع.
التحديات المستقبلية: كيف يتعامل لبنان مع أزمة الثقة؟
بجانب التحديات الاقتصادية، يواجه لبنان أزمة كبيرة في الثقة بالقطاع المصرفي، وهي مسألة تؤثر بشكل مباشر على القدرة على جذب الاستثمارات وعودة النشاط الاقتصادي إلى مستويات طبيعية. ومع غياب حل شامل للأزمة المصرفية، يظل الوضع الاقتصادي هشا وغير مستقر، حيث لا تزال التحديات المالية تتراكم بشكل مستمر.
العديد من المواطنين اللبنانيين يواجهون صعوبات في الوصول إلى مدخراتهم في البنوك، مما يحد من قدرتهم على الإنفاق والمساهمة في النمو الاقتصادي. من جهة أخرى، تستمر الهجرة الاقتصادية، حيث يسعى الكثير من اللبنانيين إلى البحث عن فرص أفضل في الخارج، وهو ما يعكس أزمة الثقة التي يعاني منها السوق المحلي.
آفاق مستقبلية: تحديات وفرص أمام لبنان
على الرغم من أن الوضع الاقتصادي اللبناني لا يزال هشًا، فإن تراجع التضخم و استقرار سعر صرف الليرة يوفران بعض الآمال في إمكانية التعافي التدريجي. إذا استمر هذا الاستقرار، قد تشهد الاقتصاد اللبناني نوعًا من التوازن بين الطلب والعرض في الأسواق، مما قد يؤدي إلى عودة بعض الاستثمارات.
لكن هذا لا يعني أن لبنان قد تجاوز أزمة الاقتصاد الكلي، حيث تحتاج الحكومة إلى اتخاذ خطوات جادة في:
- تحقيق الاستقرار السياسي.
- إصلاح النظام المصرفي.
- تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية.
إلى جانب تعزيز ثقافة الثقة في المؤسسات المالية وتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي من خلال تحسين البيئة القانونية والتنظيمية.
هل لبنان على الطريق الصحيح؟
إن التراجع الملحوظ في التضخم في لبنان هو إشارة إيجابية في وسط الأزمة الاقتصادية المستمرة. رغم أن هذه النتائج تبدو واعدة، إلا أن التحديات الاقتصادية لا تزال ضخمة. يحتاج لبنان إلى إجراء إصلاحات شاملة، والاهتمام بتحقيق استقرار طويل الأمد في جميع القطاعات الاقتصادية. لذا، رغم التفاؤل الحذر، يجب أن يكون العمل على تحقيق استقرار طويل الأمد في الاقتصاد اللبناني هو الأولوية الأولى.