
لبنان اليوم
في مشهد سياسي لبناني متكرر، يتسابق السياسيون في توزيع شهادات “الشرف” و “اللا شرف”، كلٌ حسب مصالحه الشخصية وتوقيته الانتخابي.
واليوم، تشهد الأوساط الإعلامية والسياسية جدلاً جديدًا حول ما يُعرف بـ “لائحة الشرف الداعمة لاقتراع المغتربين”، وهو الاسم الذي اختاره أصحاب هذه المبادرة لإضفاء طابع الفضيلة عليها، وتشويه صورة معارضيها بوصفهم بالمنتمين إلى “لائحة بلا شرف”.
لكن الحقائق، كما تظهر من خلال مصادر مطلعة لـ ، تكشف للجميع واقعًا لا يمكن تجاهله: “اللائحة بلا شرف” ليست هي التي تعارض اليوم، بل هي التي وضعت قانون 2017، الذي حرم المغتربين من حق التصويت في دوائرهم الانتخابية داخل لبنان، قبل أن تقوم بتعديله بشكل محدود عام 2022، ثم تظهر اليوم بمظهر جديد وتتحدث عن “الحق والعدالة والديمقراطية”.
من يراجع مسار التشريع يدرك تمامًا أن من صاغ القانون كان يعلم أنه يمنح المغتربين جزءًا من حقهم، ويصادر الجزء الآخر، عندما قصر تصويتهم على ستة نواب للاغتراب فقط.
واليوم، يعود هؤلاء الأشخاص أنفسهم ليقدموا دروسًا في النزاهة الديمقراطية، متناسين أنهم أول من أقام حاجزًا بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر، وأول من ميز بين الناخب في الداخل والناخب في الخارج.
وفي تفاصيل الأحداث الجارية، علم أن رئيس حزب “القوات اللبنانية”: سمير جعجع، قرر الدخول في مواجهة مباشرة مع رئيس مجلس النواب: نبيه برّي، ورفع سقف خطابه خلال الأيام الماضية.
ووفقًا لما تم تسريبه من اجتماع تكتل “الجمهورية القوية” الأخير، فإن جعجع يتعامل مع هذا الملف من منظور انتخابي بحت، بهدف حشد التأييد الشعبي وإعادة تعبئة الشارع استعدادًا للانتخابات النيابية المقبلة، في معركة داخلية أكثر منها تشريعية أو وطنية.
في المقابل، تشير المعلومات إلى أن: برّي لا يولي جلسة الغد المخصصة لاقتراع المغتربين أي اهتمام كبير.
فالرئيس الذي اعتاد التحكم بالإيقاع السياسي، لم يجر أي اتصال فعلي مع كتلته أو مع القوى النيابية الأخرى، وكأن الملف بالنسبة إليه مجرد “فقاعة إعلامية” ستنتهي بانتهاء الجلسة.
أما الصورة الأكبر، فتظهر أن الخلاف بين: برّي و جعجع لا يحمل أي أبعاد إقليمية أو رسائل خارجية، بل هو صراع لبناني داخلي بامتياز، يعكس حالة الاستعداد المسبق للانتخابات المقبلة، ومحاولات تسجيل النقاط في ساحة الرأي العام من خلال شعارات واسعة تخاطب العواطف بدلًا من العقول.
وفي ختام هذا المشهد المليء بالخطابات والمزايدات، يطرح السؤال الأكثر وضوحًا وجرأة:
من الذي عمل بنزاهة، ومن الذي استغل الشعار؟
هل من كتب قانون 2017 الذي منع المغتربين من التصويت في لبنان، وقام بتعديله بشكل انتقائي في 2022، هو “شريف” أم “غير شريف”؟
سؤال موجه إلى من يتحدثون اليوم عن الأخلاق السياسية، فهل يجرؤ أحد على الإجابة أمام اللبنانيين والمغتربين معًا؟