تساؤلات علمية حول صلة محتملة بين لقاح كوفيد ووفيات الأطفال

لبنان اليوم

أثارت مذكرة داخلية صادرة عن مسؤول رفيع المستوى في “إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)” ضجة واسعة في الأوساط الطبية والعلمية. السبب؟ المذكرة تدعي أن مراجعة حديثة لسجلات رسمية ربطت وفاة 10 أطفال بـ “لقاحات كوفيد-19”.

على الرغم من خطورة هذا الادعاء، إلا أنه لم يتم نشر أي بيانات تفصيلية توضح كيفية الوصول إلى هذه النتائج، كما لم تُعرض في مجلة علمية محكمة. هذا الأمر دفع خبراء الصحة العامة إلى التشكيك في المذكرة والتحذير من آثارها السياسية والطبية المحتملة.

المذكرة، التي تم إبلاغ موظفي الوكالة بها يوم الجمعة، صدرت عن الدكتور فيناي براساد، وهو أحد كبار المسؤولين عن ملف اللقاحات في “FDA”. ذكر براساد أن وفيات الأطفال مرتبطة بالتطعيم بتوصيفات “مرجّحة أو محتملة”. ومع ذلك، لم يتم تقديم أي معلومات حول أعمار الأطفال، أو أنواع اللقاحات التي تلقوها، أو أوضاعهم الصحية السابقة، أو المنهجية الإحصائية التي استخدمت لربط الوفيات باللقاح.

تم الكشف عن المذكرة لأول مرة عبر مراسل في برنامج “PBS Newshour”، قبل أن تحصل عليها وتنشرها صحيفة “واشنطن بوست”. وفي أول تعليق رسمي، قال المفوض الجديد لـ “FDA” الدكتور مارتي ماكاري في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” إن:
* “الوكالة ستكشف لاحقا عن معلومات إضافية حول تلك الوفيات.”
* “الإدارة السابقة لم تكن شفافة بما يكفي.”
* “لقاحات كورونا كانت فعّالة بشكل واضح لكبار السن والفئات الأكثر عرضة للخطر.”

في المقابل، سارعت “ABC News” إلى التواصل مع “إدارة الغذاء والدواء الأميركية” و “وزارة الصحة الأميركية” لطلب توضيحات رسمية، ولكن لم تتلق ردًا فوريًا. وعلى منصات التواصل الاجتماعي، أعرب عدد كبير من خبراء الصحة عن قلقهم من تداعيات المذكرة. فقد وصفت دوريت ريس، أستاذة القانون في جامعة كاليفورنيا، مذكرة براساد بأنها “تتجاوز الإجراءات العلمية المعتادة”، مؤكدة أن اقتراح تغيير آليات الموافقة على لقاحات الجهاز التنفسي بناءً على تحقيق غير منشور يمثل سابقة مقلقة.

بدوره، قال الدكتور أمش أدالجا، الباحث في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي والمتحدث باسم جمعية الأمراض المعدية الأميركية، إن مذكرة “FDA” “خالية من أي بيانات طبية فعلية تبرّر ربط الوفيات بلقاحات كوفيد”. وأضاف أن إثبات علاقة سببية يتطلب معلومات أساسية، مثل أعمار المرضى، ونوع اللقاح، والأمراض المزمنة، ونوع التحليل المستخدم.

ويرى أدالجا أن هذه التصريحات “لن تفضي إلا إلى تصاعد المشاعر المناهضة للتلقيح وتسييس مسألة يجب أن تبقى علمية بحتة”. في الوقت نفسه، تؤكد “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)” أن الربط بين اللقاحات والتوحد أو وفيات غير مثبتة قد فنّدته دراسات عديدة، ولم يثبت علميًا حتى الآن.

يأتي هذا الجدل في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة نقاشًا حادًا حول سياسات التطعيم، مما يجعل المذكرة الجديدة عاملاً إضافيًا في تعقيد المشهد الصحي والسياسي، وسط مخاوف متزايدة من أن تؤدي مثل هذه التصريحات غير المدعومة ببيانات منشورة إلى تقويض ثقة الجمهور باللقاحات والمؤسسات العلمية.