رسالة من بعبدا: البابا يؤكد للبنانيين أنهم شعب لا يعرف الاستسلام وقادر على النهوض مجدداً

لبنان اليوم

أكد البابا لاوون الرابع عشر، في خطابه الذي ألقاه من قصر بعبدا، أن السلام أبعد من مجرد لفظ، بل هو أمنية وتضرع ومنحة إلهية، بالإضافة إلى كونه ورشة عمل مفتوحة على الدوام. كما عبّر عن يقينه بأن الملايين من اللبنانيين، داخل الوطن وخارجه، يسهمون في خدمة السلام بصمت.

ولفت البابا لاوون إلى أن الشعب اللبناني لا يرضخ لليأس، بل ينهض من بين براثن الشدائد، موجهًا إليهم رسالة قال فيها: “أنتم شعب لا يستسلم، بل شعب يصمد أمام الصعاب ويعرف كيف يولد من جديد”. وأضاف: “أنتم بلد متنوع وجماعة مؤلفة من جماعات تجمعكم لغة واحدة هي لغة الرجاء التي سمحت لكم بالبدء من جديد”.

وشدد على أن صمود اللبنانيين هو سمة بارزة لا يمكن تجاهلها، مشيرًا إلى أن السعي نحو السلام هو بداية متجددة ومستمرة، وأن الالتزام به لا يعرف الخوف أمام الإخفاقات المتكررة. وكرر التأكيد على أن لبنان بلد متعدد الثقافات، وأن لغته الجامعة هي لغة الأمل، معتبرًا أنه يحق له أن يفتخر بـ “مجتمعه المدني النابض بالحياة والغني بالكفاءات”.

وفي ختام كلمته، دعا البابا اللبنانيين إلى عدم الانفصال عن شعبهم وتكريس جهودهم لخدمته، معربًا عن أمله في أن يتحدثوا دائمًا بلغة الأمل ليتمكنوا من الانطلاق مجددًا كأمة واحدة.

وتابع البابا لاوون الرابع عشر في جانب آخر من حديثه أن هناك جروحًا شخصية وجماعية تحتاج إلى سنوات طويلة، وأحيانًا أجيالاً كاملة، لتلتئم. وأكد أن الحقيقة لا تظهر إلا من خلال التواصل والتلاقي، وأن الحقيقة والمصالحة ينموان معًا.

وشدد على أنه لا يمكن تحقيق مصالحة مستدامة بدون هدف مشترك، وبدون الانفتاح على مستقبل يسمو فيه الخير على الشر، مشيرًا إلى أن ثقافة المصالحة تتطلب اعتراف السلطات والمؤسسات بتقديم المصلحة العامة.

وأكد أن السلام ليس مجرد توازن هش بين أفراد يعيشون تحت سقف واحد لكنهم منفصلون، بل هو القدرة على التعايش معًا من أجل مستقبل زاهر، وعندها -كما ذكر- يتحقق السلام ذلك الرخاء الذي يدهشنا حين يتجاوز الحواجز والقيود.

وأشار إلى أن صانعي السلام يتحلون بالشجاعة الكافية للبقاء والاستمرار، حتى لو تطلب ذلك بعض التضحيات، مضيفًا أن العودة إلى الوطن تحتاج إلى عزيمة وبصيرة رغم الظروف القاسية، وأن السلام يزدهر فقط في بيئة حيوية وعملية.

وقال: “المسيحيون والمسلمون مدعوون كي يلعبوا دورهم الحقيقي من خلال توعية المجتمع الدولي”.

واختتم البابا قائلاً: “أجدد شكري لكم مرة أخرى على حفاوة الاستقبال وسأبقى أذكركم دائماً في صلاتي”.