ربما كان فوز تشيلسي المذهل على برشلونة بنتيجة 3-0 مساء الثلاثاء بمثابة إعلان قاطع لقدرة هذا الفريق اللندني الشاب على منافسة كبار الأندية الأوروبية هذا الموسم، وذلك على الرغم من قلة خبرة لاعبيه في مثل هذه المحافل الكبيرة.
يمتلك تشيلسي فريقًا شابًا بمتوسط أعمار يبلغ حوالي 23 عامًا، تم تجميعه من قبل إدارة النادي على مدار السنوات الثلاث الماضية، مع الاستغناء عن مجموعة أخرى من اللاعبين.
وبعد عامين من الأداء والنتائج المتقلبة، بدأ النادي اللندني أخيراً في جني ثمار استراتيجيته التي كانت، قبل أشهر قليلة، محط انتقادات لاذعة من قبل الجماهير.
في أمسية الثلاثاء، وخلال الجولة الخامسة من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، قدم لاعبو تشيلسي أداءً ملهمًا أمام جماهير متحمسة للغاية في ملعب “ستامفورد بريدج”، وقدم مدربهم إنزو ماريسكا درسًا في كيفية الاستعداد لمواجهة خصم عنيد، وقدم كرة قدم هجومية ممتعة على مدار الـ 16 شهرًا الماضية.
أما برشلونة، فقد تجلت مشكلته الرئيسية هذا الموسم، وهي افتقاره للخطة “ب” في حال فشل خطته الأساسية، مع الإقرار بأنه دفع ثمنًا باهظًا بعد طرد قلب دفاعه رونالد أراوخو في الشوط الأول.
اللاعب الثاني عشر
استفاد تشيلسي من الأجواء الحماسية التي خلقتها جماهيره في المدرجات، حيث كانت الأجواء صاخبة لدرجة تجعل من الصعب على أي فريق منافس التركيز على خطته الموضوعة.
اعتمد المدرب ماريسكا على طريقة اللعب 4-2-3-1، حيث تعاون ويسلي فوفانا مع تريفوه تشالوباه في قلب الدفاع، بدعم من الظهيرين مالو جوستو ومارك كوكوريا.
لعب قائد تشيلسي ريس جيمس في خط الوسط إلى جانب لاعب الارتكاز المتميز مويسيس كايسيدو، وتمركز الأرجنتيني إنزو فرنانديز في مركز لاعب الوسط الهجومي (10)، بين الجناحين استيفاو وأليخاندرو جارناتشو، خلف المهاجم الوهمي بيدرو نيتو، على الرغم من جاهزية جواو بيدرو وليام ديلاب على مقاعد البدلاء.
كان من الواضح أن تشيلسي يهدف إلى تسجيل هدف مبكر، وجاءت هجماته خطيرة عبر طرفي الملعب، من خلال استغلال سرعة اللاعبين وتقدم لاعبي الوسط من الأمام مع تبادل سريع للكرة، بهدف كسر مصيدة التسلل التي يعتمد عليها برشلونة.
تألق فرنانديز بشكل خاص في المركز رقم 10، حيث كانت تحركاته داخل منطقة الجزاء ذكية ومحسوبة بدقة، خاصة عندما كان الظهيران يمتلكان الكرة على جانبي الملعب.
كانت المهارات الفردية للبرازيلي استيفاو على الجناح الأيمن استثنائية، بينما برز نيتو بنشاطه الدؤوب كمهاجم وهمي يتحرك على الأطراف مستفيدًا من سرعته الفائقة، مما ساهم في إفساح مساحات لزملائه في خط الهجوم.
وعندما تلقى أراوخو بطاقته الصفراء الثانية في الدقيقة 44 ليغادر الملعب مطرودًا، أدرك ماريسكا أنه قادر على حسم المباراة مع بداية الشوط الثاني، وجاء الهدف الثاني بتوقيع استيفاو الذي قدم مهارة فردية رائعة قبل أن يسدد الكرة في الشباك.
كما قام ماريسكا بتغيير شكل الفريق هجوميًا، من خلال إشراك مهاجم صريح عبر الدفع بديلاب بدلاً من جارناتشو، ونقل نيتو إلى مركز الجناح الأساسي، خاصة في ظل تراجع أداء ظهيري برشلونة، وهو ما أثمر سريعًا عن الهدف الثالث الذي سجله ديلاب.
مأزق الطرد
في المقابل، اعتمد مدرب برشلونة هانز فليك على طريقة اللعب 4-3-3، حيث تواجد أراوخو إلى جانب باو كوبارسي في قلب الدفاع، بدعم من الظهيرين جول كوندي وأليخاندرو بالدي، ولعب إريك جارسيا دور لاعب الوسط الدفاعي، مع مساندة من الهولندي فرينكي دي يونج، بهدف منح حرية الحركة لفيرمين لوبيز للتحرك خلف ثلاثي الهجوم المكون من لامين يامال وفيران توريس وروبرت ليفاندوفسكي.
أكثر ما عاب برشلونة في هذه المباراة هو تواضع مردوده الهجومي، حيث سقط ليفاندوفسكي في فخ دفاع تشيلسي، بعد أن فرض عليه تشالوباه رقابة لصيقة، بينما نجح كوكوريا في الحد من خطورة يامال الذي قدم أداءً باهتًا قبل أن يتم استبداله في الشوط الثاني.
وفي خط الوسط، خسر برشلونة المعركة على الرغم من التزام دي يونج بموقعه، وكان الدفاع تائهًا بسبب الفوضى التي سببها تمركز أراوخو قبل طرده، وبسبب بطء كوبارسي في التعامل مع انطلاقات لاعبي تشيلسي السريعة، وعدم تقديم كوندي وبالدي الإضافة الهجومية المطلوبة، مع ملاحظة أن كوندي كان عشوائيًا بشكل ملحوظ في الجانب الدفاعي.
كان الاعتماد على مصيدة التسلل المتقدمة مفهومًا حتى طرد أراوخو، ولم يساهم إشراك أندرياس كريستينسن في الشوط الثاني في تعزيز دفاع برشلونة، خاصة وأن كوبارسي كان يتم تجاوزه بسهولة.
لم تنجح التغييرات الهجومية في ظل النقص العددي، وأدرك البلوجرانا أن تحقيق التعادل أصبح ضربًا من الخيال، خاصة عندما سجل ديلاب الهدف الثالث، والذي كان بمثابة الضربة القاضية.
