اشتعلت الأجواء في أروقة الكرة الإسبانية بعد أن أصبح “خافيير تيباس”، رئيس رابطة الليجا، تحت طائلة التهديد بعقوبات قد تصل إلى عزله من منصبه. وذلك إثر قيام المحكمة الإدارية الرياضية بفتح تحقيق رسمي ضده، بسبب قضايا تتعلق بعدم احترام سرية معلومات تخص نادي برشلونة، إضافة إلى اجتماع أثار الجدل مع أتلتيك بيلباو. هذا الإجراء يأتي ليضاعف من حدة التوتر القائم بين الطرفين، في ظل تبادل الاتهامات في الفترة الأخيرة.
وبحسب ما ذكرته صحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية، فإن قرار فتح التحقيق من قبل المحكمة جاء يوم الجمعة، نتيجة للشكوى التي قدمها المجلس الأعلى للرياضة في 20 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وتعود تفاصيل الشكوى إلى البلاغ الذي تقدم به ميجيل جالان، رئيس أكاديمية سينافي، في شهر آب/أغسطس، مطالباً بإقالة تيباس، متهمًا إياه بارتكاب مخالفات خطيرة تتعلق بالسرية في قاعات كبار الزوار بملعب برشلونة، بالإضافة إلى الاجتماع الذي عقده مع نادي أتلتيك بيلباو.
وتعود جذور القضية إلى 12 آب/أغسطس الماضي، عندما أرسل ميجيل جالان خطاباً إلى المجلس الأعلى للرياضة ورئيسه خوسيه مانويل رودريجيز أوريفيس، مطالباً فيه بـ«فرض عقوبة العزل من المنصب على خافيير تيباس مدرانو، رئيس الليجا، لارتكابه خمس مخالفات خطيرة جداً وفقاً لقانون الرياضة الصادر في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1990، بسبب انتهاكه واجب الحياد».
تفاصيل المخالفات المنسوبة لتيباس
وبحسب جالان، فإن المخالفة الأولى تعود إلى 2 نيسان/أبريل من العام الحالي، عندما أعلنت رابطة الليجا رفضها السماح بصفقة استغلال القاعات الفاخرة لبرشلونة بقيمة 100 مليون يورو، بالرغم من الموافقة عليها في كانون الأول/ديسمبر السابق، وذلك استناداً إلى تقرير مدققي الحسابات في النادي الكتالوني.
أما المخالفة الثانية، فتتعلق بحذف هذه المعلومات من الموقع الإلكتروني للرابطة بعد اعتراض النادي الكتالوني، حيث تم الحذف استجابة لشكوى برشلونة، على الرغم من عدم تقديم أي بلاغ رسمي للمجلس الأعلى للرياضة بشأنها.
وتتضمن المخالفة الثالثة اجتماعاً مزعوماً عقده تيباس مع مسؤولي أتلتيك بيلباو، بعد الحديث عن إمكانية دفع الشرط الجزائي للاعب نيكو ويليامز، حيث استفسر النادي الباسكي عن الوضع المالي لبرشلونة.
في حين ترتبط المخالفة الرابعة بتصريحات تيباس لوسائل الإعلام، والتي أشار فيها إلى أن برشلونة لم يصل إلى قاعدة «1-1» الخاصة باللعب المالي النظيف.
أما المخالفة الخامسة، فتتعلق بعدم احترام سرية الخطاب الموجه للمجلس الأعلى للرياضة يوم 28 آذار/مارس بشأن أزمة اللاعب داني أولمو، وهي خطوة اعتُبرت –وفق الشكوى– ضارة مالياً وبالسمعة تجاه نادي برشلونة.
وتشير المعطيات الحالية إلى أن رابطة الليجا لم تتلق حتى الآن إشعاراً رسمياً بفتح التحقيق. ومع ذلك، فإن تيباس يواجه الآن احتمال تلقي عقوبات قد تتراوح بين التوبيخ، أو الإيقاف لفترة تتراوح بين شهرين إلى عام، وقد تصل إلى إمكانية العزل من منصبه في حال ثبوت المخالفات المنسوبة إليه.
تاريخ تيباس في كرة القدم الإسبانية
يعتبر “خافيير تيباس” من بين الشخصيات الأكثر تأثيراً وإثارة للجدل في كرة القدم الإسبانية في العقود الأخيرة. وقد لعب دوراً محورياً في تشكيل ملامح الليجا الحديثة منذ توليه رئاسة رابطة الدوري الإسباني للمرة الأولى في عام 2013.
ولد تيباس في عام 1962 في كوستاريكا، قبل أن ينتقل إلى إسبانيا في سن مبكرة. وهناك درس القانون وتخصص لاحقاً في الملفات الرياضية والإدارية، مما فتح له الطريق للانخراط مبكراً في هياكل إدارة كرة القدم.
بدأت علاقة تيباس بالوسط الكروي من خلال الاستشارات القانونية، حيث عمل كمحام للعديد من الأندية الإسبانية في قضايا مالية وتنظيمية، مما منحه نفوذاً كبيراً داخل المؤسسات الرياضية.
وفي تسعينيات القرن الماضي، انخرط في عدة مشروعات مرتبطة بإدارة الأندية، قبل أن يصبح عضواً فاعلاً في رابطة الليجا، ويشارك في صياغة عدد من القوانين المتعلقة بحقوق البث وتسوية ديون الأندية.
صعد نجم تيباس داخل الرابطة تدريجياً، مدعوماً بقدرته على التعامل مع ملفات معقدة مثل تفاقم المديونية وتراجع جاذبية الليجا مقارنة بالدوري الإنجليزي الممتاز. وفي عام 2013، انتُخب رئيساً لرابطة الدوري الإسباني، ليبدأ مرحلة جديدة اتسمت بالجرأة في القرارات والرغبة في تحويل الدوري الإسباني إلى منتج عالمي أكثر تنظيماً وربحية.
الجدل المستمر والانتقادات
حقق تيباس عدة نجاحات خلال سنواته الأولى، أبرزها تنظيم حقوق البث التلفزيوني بطريقة مركزية، وهو القرار الذي منح الأندية الصغيرة دخلاً أكبر وقلّص الفجوة المالية. كما عزز استراتيجية الليجا في تسويق البطولة خارج إسبانيا، وافتتح مكاتب دولية للترويج للعلامة التجارية للدوري. كذلك لعب دوراً أساسياً في تحسين الرقابة المالية، عبر تفعيل قواعد اللعب المالي ومراقبة ميزانيات الأندية بشكل صارم، الأمر الذي ساهم في تقليص الديون وتحسين الاستقرار الاقتصادي.
لكن في مقابل هذه النجاحات، ارتبط اسم تيباس بسلسلة من الأزمات والانتقادات. فقد اتُّهم بالتدخل في شؤون الأندية، وبالتشدد المبالغ فيه في تطبيق قواعد اللعب المالي، إضافة إلى خلافات متكررة مع برشلونة ورئيسه السابق “جوسيب ماريا بارتوميو”، ومع ريال مدريد ورئيسه “فلورنتينو بيريز”، خصوصاً في ملف دوري السوبر الأوروبي. كما واجه احتجاجات من الجماهير بسبب قرار إقامة بعض مباريات الليجا خارج إسبانيا، وهي الخطوة التي لم تتحقق رغم محاولاته.
