بدأت القصة في عام 1961، عندما تقدم شخص يُدعى “سين” بطلب إلى لجنة تحقيق الجنسية، وحصل على الجنسية وفق المادة الأولى من القانون آنذاك، بعد مقابلة رسمية وشهادة شهود، وكان منحه الجنسية في ذلك الوقت إجراءً قانونيًا سليمًا.
لكن الأمور تغيرت في عام 1967، عندما قدم “سين” طلبًا لتجنيس رجل آخر زاعمًا أنه “شقيقه الأكبر”. حضر الأخير أمام اللجنة مع شهود أكدوا صلة القرابة، فحصل هو الآخر على الجنسية الكويتية.
اليوم، اتضح أن هذا “الأخ” – الذي توفي لاحقًا – قدم معلومات مضللة، بينما “سين” (المتجنس عام 1961) لا يزال على قيد الحياة.
كشفت تحقيقات إدارة مباحث الجنسية أن “الشقيق” المتوفى كان متزوجًا من أربع نساء، وسُجل في ملفه 31 طفلًا. إلا أن فحوص الحمض النووي (DNA) أظهرت أن 10 فقط من هؤلاء هم أبناؤه الفعليون، بينما الباقون ليسوا من نسله.
والأكثر إثارة للاهتمام هو أن هؤلاء الأبناء الحقيقيين العشرة يحملون وثائق خليجية بأسماء مختلفة تمامًا عن تلك المسجلة في الكويت، باستثناء الاسم الأول، ما يشير إلى أن والدهم الأصلي – أي “المتجنس عام 1967” – كان مواطنًا خليجيًا، ولديه سجل باسمه الحقيقي في الكويت يتطابق مع أسماء أبنائه الخليجيين.
من خلال مقارنة الحمض النووي لـ “سين” (المتجنس عام 1961) مع هؤلاء الأبناء العشرة، تبين عدم وجود صلة قرابة بينهم، ما يعني أن “سين” ليس عمهم، وبالتالي فإن منح “الأخ” الجنسية في عام 1967 كان يستند إلى ادعاء كاذب منذ البداية.
ولم يتوقف التزوير عند هذا الحد؛ بل استمرت عمليات التلاعب عندما أضاف هؤلاء الأبناء الأربعة (من الملف المزور) أشخاصًا آخرين إلى سجلاتهم، بمن فيهم سوريون وخليجيون، للاستفادة من مزايا الجنسية الكويتية.
وفقًا للمصادر، يضم الملف المزور اليوم 999 شخصًا، منهم 478 فوق سن 21 عامًا، و521 دون هذا السن. وتقدر التكلفة السنوية لرواتب هؤلاء البالغين وحدهم بحوالي 4.5 مليون دينار كويتي (بافتراض متوسط راتب 800 دينار للفرد). أما تكاليف التعليم التي حصلوا عليها بغير حق، فتتجاوز عشرات الملايين، بناءً على متوسط تكلفة دراسية تبلغ 5000 دينار سنويًا للطالب الواحد.
بالإضافة إلى ذلك، استفاد المزورون من مزايا حكومية كبيرة مثل القروض السكنية (بما في ذلك قرض الـ 70 ألف دينار)، والمساعدات المالية، والبدلات المختلفة، مما يمثل استنزافًا كبيرًا للمال العام على حساب أبناء الكويت الحقيقيين.
أكدت المصادر أن التحقيقات لا تزال جارية للكشف عن كامل أبعاد هذه السلسلة الطويلة من التزوير، والتي قد تمتد لتشمل أسماء وأرقامًا أكبر في ملفات أخرى.
