يعيش نادي ريال مدريد الإسباني فترة تتسم بالترقب والحديث حول مستقبل مدربه الحالي، تشابي ألونسو، الذي استلم مهامه في الصيف الماضي بعقد لمدة ثلاث سنوات. يحظى ألونسو بتقدير واسع النطاق لقدرته على تحديث أساليب العمل بعد الفترة الذهبية التي قادها كارلو أنشيلوتي.
لكن بدايته لم تكن مثالية، حيث تلقى ضربة قوية في أول اختبار حقيقي له، بالخسارة أمام باريس سان جيرمان بنتيجة 0-4 في نصف نهائي مونديال الأندية، الأمر الذي أثار صدمة لدى الجماهير والمتابعين.
وعلى الرغم من تحقيق ريال مدريد نتائج جيدة في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، إلا أن الأداء العام للفريق لم يكن مُرضيًا، مما أدى إلى تزايد الشائعات حول مستقبل المدرب. قبل الكلاسيكو، كانت التوقعات تشير إلى أن أي خسارة أمام برشلونة قد تكون “نقطة اللاعودة” بالنسبة لألونسو.
الفوز في الكلاسيكو أعاد جزءًا من الثقة للمدرب، إلا أن هذه الثقة تراجعت سريعًا بعد التعثر أمام ليفربول ورايو فاليكانو، مما أثار مجددًا الشكوك حول قدرته على قيادة الفريق في الأوقات الصعبة، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية.
شكوك داخل النادي وغرف الملابس
على الرغم من الدعم العلني الذي يظهره النادي، إلا أن هناك تسريبات تشير إلى وجود بعض الاستياء بين كبار المسؤولين بسبب بعض القرارات الفنية المثيرة للجدل، مثل استبدال فينيسيوس في الكلاسيكو.
تشير المؤشرات أيضًا إلى أن علاقاته مع بعض اللاعبين البارزين مثل فالفيردي، بيلينجهام، رودريجو، وحتى إندريك ليست في أفضل حالاتها، ويبدو أن هناك عدم توافق كامل مع أسلوبه التدريبي.
يتطلع النادي إلى تحسن واضح في النتائج من أجل تهدئة الأجواء، لكن مصادر مقربة من الإدارة تؤكد أن مباراة مانشستر سيتي في 10 كانون الأول/ديسمبر المقبل قد تكون حاسمة في تحديد مصير ألونسو.
فلسفة تشابي ألونسو وقيم ريال مدريد
تحدث ألونسو خلال افتتاح العام الدراسي 2025/2026 في قاعة مدينة ريال مدريد للدراسات العليا عن مسيرته الكروية ومساره التدريبي، وأكد على تمسكه بقيم ريال مدريد التي اكتسبها كلاعب.
وقال: “يجب احترام تاريخ ريال مدريد وكيفية بناء هذا النادي العظيم، والسعي للتميز والاعتراف بالجهد المبذول على جميع المستويات، وليس فقط داخل الملعب”.
وأضاف: “كل شيء هنا يجب أن يكون مترابطًا ومتماسكًا؛ في ريال مدريد لا يتم إنجاز الأمور على نصف الطريق، وهذا أمر أساسي يجب فهمه”.
اختيار التدريب والشغف باللعبة
وعن سبب اختياره لتدريب الفريق الأول، قال ألونسو: “كنت محظوظًا باكتشاف شغفي بكرة القدم منذ الصغر، وهذا يسهل اختيار مسار حياتك. بمجرد أن تختاره، يجب أن تكون مستعدًا لدفع ثمنه، سواء من حيث الجهد أو الالتزام”.
وتابع: “عليك أن تكون مستعدًا لتقديم أقصى ما لديك، بدءًا من الحصول على الفرصة، وصولًا إلى تطوير نفسك باستمرار. كما يجب أن تتحلى بالثبات وأخلاقيات العمل التي ترسخت فيك منذ الصغر”.
وأشار إلى أن دافعه لدخول مجال التدريب كان الفضول تجاه اللعبة: “الآن أنا مدرب، لكن أفضل ما في الأمر هو اللعب نفسه. أحسد اللاعبين أحيانًا، وهذا حسد صحي لأنه يدفعك لفهم اللعبة من الداخل”.
بداية تدريجية ومسار التعلم
أشار ألونسو إلى أن تجربته مع فرق الشباب في ريال مدريد كاستيا ساعدته على التطور التدريجي: “أردت أن أتعلم وأتطور تدريجيًا حتى أصل إلى الفريق الأول”.
وأضاف: “تجربتي الجامعية في ليفربول علمتني الاستماع أكثر من الكلام، وأهمية الثبات والشجاعة، وكيفية كسب احترام الآخرين بطريقة بناءة.. اكتشاف ثقافات مختلفة ومقابلة أشخاص من جميع أنحاء العالم ساعدني على النمو، وربما لم أكن لأصل إلى هنا لو لم أختبر هذه التجربة كلاعب”.
مستقبل بيريز مع ريال مدريد
وفي السياق الإداري، ازدادت في الأيام الأخيرة التقارير التي تتحدث عن نية فلورنتينو بيريز، رئيس ريال مدريد، ترك منصبه خلال العام المقبل، على الرغم من أن ولايته الحالية تستمر حتى عام 2028.
وذكرت إذاعة “أوندا سيرو” عبر الصحفي ألبرتو بيريرو أن بيريز لا يفكر إطلاقًا في الرحيل قبل نهاية ولايته، وأشار إلى أن رئيس النادي سيجيب على جميع التساؤلات المتعلقة بمستقبله خلال الجمعية العمومية المقرر عقدها في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. وأكد أيضًا أن الاجتماع الخاص بمناقشة نموذج العضوية داخل النادي سيعقد في 2025 وليس في 2026، كما تم تداوله.
وكان الصحفي الإسباني بيبي ألفاريز قد أثار الجدل بتغريدة قال فيها إن بيريز قرر مغادرة منصبه في 2025، وأنه يعمل حاليًا على تنظيم عملية انتقال سلس للسلطة داخل النادي، بغض النظر عن نتائج الاستفتاء المتوقع.
يأتي هذا الجدل في وقت يمر فيه ريال مدريد بمرحلة حساسة على المستويين الرياضي والإداري، خاصة مع المشاريع الضخمة التي يشرف عليها بيريز، وعلى رأسها مشروع تطوير ملعب “سانتياجو برنابيو”، والذي يعتبره الرئيس الملكي أساس “مدريد المستقبل”.
وعلى الرغم من عدم وجود أي تصريح رسمي من النادي ينفي أو يؤكد هذه التقارير، إلا أن تركيز بيريز على بناء مشروع طويل الأمد، بالإضافة إلى حديثه المستمر عن إعداد جيل جديد من القادة، يزيد من التكهنات بأن النادي قد يشهد تغييرًا تاريخيًا في رئاسته في السنوات القادمة.
