وكان “أرنولد” قد انضم إلى صفوف ريال مدريد خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، وذلك بعد انتهاء عقده مع ليفربول وانتقاله في صفقة حرة.
وقد أسفرت قرعة البطولة عن عودة سريعة لـ “أرنولد” إلى النادي الذي ترعرع فيه، وذلك بعد صيف شهد جدلاً واسعاً حول انتقاله إلى ريال مدريد، حيث تعرض الظهير الأيمن لصيحات استهجان من بعض جماهير ليفربول عقب الإعلان عن رحيله.
وبحسب ما ذكرته صحيفة “ليفربول إيكو” البريطانية، قامت بعض جماهير ليفربول بتشويه جدارية “ترينت ألكسندر أرنولد” بالقرب من ملعب “آنفيلد” في وقت سابق اليوم، وكتبوا عليها باللغة الإسبانية: “وداعًا أيها الفأر”، قبل أن يقوم العمال بتنظيف الجدارية في وقت لاحق.
ويستضيف ليفربول اليوم الثلاثاء نظيره ريال مدريد على ملعب “آنفيلد”، في مباراة قمة ضمن الجولة الرابعة من مرحلة المجموعات بدوري أبطال أوروبا.
وقال “أرنولد” بأنه سيظل يحب ليفربول مهما كانت الطريقة التي سيستقبل بها في ملعب “أنفيلد” اليوم الثلاثاء.
وفي مقابلة مع شبكة “برايم فيديو سبورت” قبل المباراة التي ستبث عبر المنصة، صرح “أرنولد”: “عندما أجريت القرعة، شعر الجميع تقريبًا بأن هذا اللقاء كان قدرًا، كان من المقدر أن يحدث هذا السيناريو”.
وأضاف: “بالطبع هم فريق كبير، لذلك كنت أعلم أنني في وقتٍ ما سأواجه ليفربول مجددًا، سواء في البرنابيو أو آنفيلد، لقد حدث ذلك بسرعة كبيرة، لدي مشاعر مختلطة، ستكون مباراة صعبة للغاية، لكنني متحمس لها بشدة”.
وأكد “أرنولد” أنه لن يحتفل إذا تمكن من التسجيل في مرمى فريقه السابق.
وعن الاستقبال الذي يتوقعه من جماهير ليفربول، قال: “مهما كانت طريقة استقبالي، فذلك قرار الجماهير”.
وتابع: “سأظل أحب النادي، وسأبقى مشجعًا له إلى الأبد، سأبقى ممتنًا للفرص التي حصلت عليها هناك، وللأشياء التي حققناها معًا، ستبقى تلك الذكريات معي إلى الأبد”.
وأردف: “مهما حدث، مشاعري تجاه ليفربول لن تتغير، لدي هناك ذكريات ستبقى مدى الحياة، وبغض النظر عن الاستقبال الذي أحظى به، فإن ذلك لن يبدل شيئًا في قلبي”.
كما أن انتقال “أرنولد” إلى ريال مدريد قد منحه فرصة اللعب إلى جانب زميله في المنتخب الإنجليزي “جود بيلينجهام”، الذي اعترف بأنه لعب دورًا كبيرًا في إقناعه بالانتقال إلى “البرنابيو”.
وصرح “أرنولد”: “كانت هناك الكثير من الشائعات، وحديث عن “العميل جود بيلينجهام” الذي يحاول إقناعي، في موسمه الأول مع ريال مدريد، كنا نلتقي في معسكرات المنتخب، وكان الجميع يسأله عن الأجواء داخل النادي”.
وأضاف: “قال لي إنها تجربة مذهلة، وأنه لم يرَ شيئًا مثلها من قبل، سواء من حيث الطموح أو روح النادي ورغبته الدائمة في الفوز، كان يتحدث بحماس كبير عن ريال مدريد، وفي النهاية اتخذت قراري، شعرت أنني بحاجة إلى تغيير في حياتي، كنت أبحث عن تحدٍ جديد داخل وخارج الملعب”.
يعتبر “ترينت ألكسندر أرنولد” واحداً من أبرز المواهب التي تخرجت من أكاديمية نادي ليفربول في العقد الأخير، وهو رمز للجيل الجديد من الأظهرة الذين يجمعون بين القوة الدفاعية والرؤية الهجومية والإبداع في صناعة اللعب.
ولد “أرنولد” في الثامن من أكتوبر عام 1998 بمدينة ليفربول، ونشأ على حب النادي منذ صغره، حيث انضم إلى أكاديميته وهو في السادسة من عمره، ليبدأ رحلة طويلة من التطور داخل أسوار “ميلوود”.
ومنذ مراحله الأولى، لفت “أرنولد” الأنظار بذكائه التكتيكي وقدرته على تنفيذ الكرات الثابتة بدقة متناهية، الأمر الذي جعله محط اهتمام المدربين في مختلف الفئات السنية.
وفي عام 2016، وتحديداً تحت قيادة المدرب الألماني “يورجن كلوب”، حصل الشاب الموهوب على فرصته الأولى مع الفريق الأول، ليظهر للمرة الأولى في بطولة كأس الرابطة أمام توتنهام هوتسبير، قبل أن يبدأ في تثبيت أقدامه تدريجياً داخل التشكيلة الأساسية.
كانت انطلاقته الحقيقية خلال موسم 2017-2018، حين فرض نفسه أساسياً في مركز الظهير الأيمن بفضل مستوياته اللافتة، خصوصاً في دوري أبطال أوروبا، حيث لعب دوراً محورياً في وصول ليفربول إلى النهائي أمام ريال مدريد.
ومنذ ذلك الحين، تحول “أرنولد” إلى أحد أهم مفاتيح اللعب في منظومة “كلوب”، بفضل تمريراته الطولية الدقيقة ومهارته في إرسال العرضيات القاتلة، إلى جانب سرعته في الارتداد الهجومي.
حقق “أرنولد” مع ليفربول إنجازات تاريخية، أبرزها التتويج بدوري أبطال أوروبا عام 2019 بعد الفوز على توتنهام، والدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2019-2020 بعد غياب دام 30 عاماً، إضافة إلى كأس العالم للأندية والسوبر الأوروبي. كما حطم أرقاماً قياسية في صناعة الأهداف بالنسبة للاعب في مركز الظهير، حيث كان أكثر من ساهم بتمريرات حاسمة في البريميرليج لمواسم متتالية.
وبجانب نجاحه مع النادي، أصبح “أرنولد” عنصراً ثابتاً في تشكيلة المنتخب الإنجليزي منذ عام 2018، وشارك في عدة بطولات كبرى مثل كأس العالم 2022 ويورو 2020، حيث أثبت أنه قادر على تقديم الإضافة حتى في مراكز أخرى كخط الوسط بفضل رؤيته المميزة للملعب.
ومع ذلك، لم تخلُ مسيرة “أرنولد” من التحديات، فقد تعرض لانتقادات في بعض الفترات بسبب أدائه الدفاعي، لكن قدرته على التطور المستمر جعلته يتغلب على كل تلك الشكوك. كما واجه إصابات عضلية متكررة، خاصة في الموسم الأخير له مع ليفربول، الأمر الذي أثر على مشاركاته المنتظمة.
وفي صيف 2025، اتخذ “أرنولد” قراراً مصيرياً بإنهاء رحلته مع ليفربول والانتقال إلى ريال مدريد، في صفقة ضخمة أثارت جدلاً واسعاً بين جماهير “الريدز”.
وبرر اللاعب قراره برغبته في خوض تحدٍ جديد خارج إنجلترا، والانضمام إلى نادٍ يملك تاريخاً عظيماً على الساحة الأوروبية.
كما أن انضمامه إلى ريال مدريد منحه فرصة اللعب إلى جانب زميله في المنتخب “جود بيلينجهام”، ومنحه تجربة جديدة في بيئة مختلفة تماماً.
وبهذا، بدأ “أرنولد” فصلاً جديداً في مسيرته، آملاً في ترك بصمة قوية في “البرنابيو” كما فعل في “أنفيلد”.
