في تطور مهم، قررت الحكومة اللبنانية المضي قدمًا في مشروع ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، وفقًا لاتفاقية عام 2007، وذلك في محاولة لإحياء ملف الغاز البحري وتسريع الاستثمار في الثروات الوطنية وسط الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها لبنان.
وفي هذا الإطار، أعرب المنسق العام الوطني للتحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة، مارون الخولي، عن ترحيبه بهذا القرار، معتبراً إياه نهجاً واقعياً ومسؤولاً يستند إلى بيانات فنية وقانونية واضحة، بعيداً عن المزايدات الشعبوية.
وفي تصريح لـ ، أوضح الخولي أن العودة إلى اتفاقية 2007 ليست تنازلاً عن السيادة كما يحاول البعض تصويرها، بل هي خيار قائم على فهم دقيق للمصالح اللبنانية، مضيفاً: “الدراسات القانونية والخرائط الفنية أثبتت أنّ الذهاب إلى التحكيم الدولي لن يمنح لبنان مكاسب إضافية، بل سيستنزف الوقت في لحظة تعتبر فيها كل دقيقة ذات قيمة اقتصادية مباشرة”.
كما أشار إلى أن العالم يتجه بسرعة نحو مصادر الطاقة المتجددة، مما يعني أن القيمة الاستراتيجية للنفط والغاز ستنخفض تدريجياً خلال العقد القادم، وبالتالي فإن أي تأخير إضافي في بدء الاستثمار سيمثل خسارة استراتيجية تتجاوز أي نقاش حول خطوط الترسيم.
وأكد الخولي أن الفرصة المتاحة أمام لبنان اليوم ضيقة ومحدودة الوقت، قائلاً: “علينا أن نستغل ما تبقّى من زمن سوق الطاقة التقليدية، لتعويض جزء من الخسائر الهائلة التي أصابت الاقتصاد، ولإعادة ضخ موارد حقيقية تعيد الثقة بالدولة وبالقطاع المالي.”
ونوه إلى أن المعركة الأساسية ليست على بضعة كيلومترات بحرية، بل على إنقاذ الاقتصاد الوطني وإعادة بناء القدرة المالية للدولة، داعياً إلى وضع خطة وطنية شاملة للحوكمة في قطاع النفط والغاز تضمن الشفافية، وتمنع الاحتكار، وتعيد للمواطن والمستثمر الثقة بإدارة الدولة لهذا الملف.
وشدد الخولي على أن المطلوب اليوم ليس فقط قرار الترسيم، بل الإسراع في إطلاق دورة التراخيص البحرية الرابعة والعمل وفق جدول زمني واضح، لأن الوقت أصبح “أثمن من المساحة”، على حد تعبيره.
يبقى ملف الغاز أحد أهم الحلول الممكنة لإنقاذ لبنان. فالبلاد التي استنزفت مواردها، تحتاج إلى قرار شجاع ومسؤول يترجم على أرض الواقع وليس في المناقشات الإعلامية. وفي ظل الانهيار المستمر، كل يوم تأخير يمثل خسارة وطنية، بينما التعجيل بالاستثمار قد يكون فرصة الأمل الأخيرة قبل أن يتحول الغاز إلى فرصة ضائعة أخرى تضاف إلى سجل الفرص المهدرة.
وفيما يتعلق بملف تلزيم البلوك رقم 8، أوضح الخولي لـ أن التحالف سيصدر خلال أيام بياناً مفصلاً يتناول الجوانب الفنية وآلية التلزيم وشروط العقد والمواعيد النهائية المرتبطة به.
