لبنان اليوم

تواجه “بورشه”، تلك العلامة التجارية الشهيرة في عالم السيارات الرياضية الفاخرة، تحديات مالية كبيرة لم تشهدها من قبل.
فقد تراجعت أرباح الشركة بشكل ملحوظ بنسبة 99% خلال هذا العام، مسجلة خسائر تقدر بمليار يورو تقريباً في الربع الثالث من عام 2025، مقارنة بأرباح مماثلة حققتها في الفترة نفسها من العام الماضي.

يشير التقرير المالي الصادر عن الشركة إلى انخفاض هامش الربح المتوقع لعام 2025 ليصل إلى 2% فقط، بعد أن كان 14% في عام 2024.
يعزى هذا التراجع إلى أزمة مزدوجة تتضمن صعوبات في التحول إلى السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى القرارات الاقتصادية المفاجئة التي اتخذها الرئيس الأميركي :دونالد ترامب، والتي أثرت بشكل مباشر على حركة التجارة بين أوروبا والولايات المتحدة.

كشفت “بورشه” عن أن إجمالي أرباحها للأشهر التسعة الأولى من العام بلغت 40 مليون يورو فقط، مقارنة بـ4 مليارات يورو خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مما يعكس انخفاضاً حاداً بنسبة 99%.

أوضح المدير المالي للشركة، :يوخن برَكنر، أن الخسائر تعود بشكل أساسي إلى الحرب التجارية بين أوروبا والولايات المتحدة، وذلك بعد فرض واشنطن رسوماً جمركية مرتفعة على السيارات المستوردة، مما كلف الشركة حوالي 700 مليون يورو من إيراداتها.
وأضاف أن الشركة ستضطر إلى رفع أسعار بعض الطرازات في السوق الأميركية للحد من الخسائر، على الرغم من أن هذه الخطوة قد تؤثر سلباً في حجم المبيعات.

أشار بركنر إلى أن التحول السريع نحو السيارات الكهربائية قد أضر كثيراً بأداء الشركة، حيث تسبب وقف إنتاج طراز “ماكان” العامل بالبنزين، والذي كان يعتبر أحد أكثر الطرازات مبيعاً وربحية، في انهيار المبيعات في فئة السيارات المدمجة.
كما تراجعت مبيعات طرازَي 718 بوكستر وكايمان بعد وقف إنتاج النسخ التقليدية منهما بانتظار الإصدارات الكهربائية الجديدة.

بالإضافة إلى ذلك، لم تعد السوق الصينية تحقق الأرباح التي كانت معتادة عليها الشركة في العقد الماضي، وذلك نتيجة لتباطؤ الاقتصاد المحلي وزيادة المنافسة من الشركات الصينية.
وقال بركنر إن “ظروف السوق في الصين لن تتحسّن في المستقبل القريب”، وأعلن عن خفض شبكة وكلاء بورشه من 150 إلى 80 فرعاً بحلول عام 2027.

أعلنت الشركة أيضاً عن خطة لإعادة الهيكلة في ألمانيا تشمل تسريح 1,900 موظف دائم، بالإضافة إلى 2,000 موظف مؤقت تم إنهاء عقودهم في وقت سابق من هذا العام، وذلك ضمن برنامج واسع لتقليص النفقات سيتم الكشف عن تفاصيله نهاية عام 2025.

نظراً لتفاقم الأزمة، أعلنت مجموعة “فولكسفاغن”، المالكة لعلامة “بورشه”، عن استبدال الرئيس التنفيذي :أوليفر بلوم بنظيره السابق :مايكل لايتر، الذي سبق أن شغل مناصب قيادية في شركتَي فيراري وماكلارين.
ومن المتوقع أن يقود لايتر خطة لإعادة توجيه استراتيجية الإنتاج نحو السيارات الهجينة القابلة للشحن، بهدف إنعاش المبيعات واستعادة ثقة المستثمرين.

سيواصل بلوم مهامه كرئيس تنفيذي لمجموعة “فولكسفاغن”، التي تضم تحت مظلتها علامات مثل أودي، لامبورغيني، وبنتلي.

يرى محللون أن الأزمة التي تمرّ بها “بورشه” تتجاوز الجانب المالي لتصل إلى أزمة هوية داخل الشركة، التي كانت تُعتبر لسنوات نموذجاً في الإدارة والكفاءة والربحية العالية.
ويشيرون إلى أن قراراتها المتسرّعة بوقف إنتاج بعض الطرازات الناجحة قبل طرح البدائل الكهربائية، بالإضافة إلى الغموض في استراتيجيتها التسويقية، قد أفقدتها جزءاً كبيراً من موقعها التنافسي في سوق السيارات الفاخرة.

وفي حين تأمل الإدارة الجديدة بتحقيق تحسّن تدريجي في عام 2026، يؤكد خبراء الصناعة أن “بورشه” بحاجة إلى إعادة صياغة شاملة لاستراتيجيتها الإنتاجية والتسويقية إذا أرادت استعادة مكانتها كرمز عالمي في عالم السيارات الرياضية الفاخرة.