
لبنان اليوم
عقد تكتل “الجمهورية القوية” اجتماعًا استثنائيًا مساء الأحد الموافق 26 تشرين الأول 2025، وترأس الاجتماع رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، وفي نهايته صدر البيان التالي:
“في زمنٍ تتهاوى فيه مؤسسات الدولة تحت وطأة التعطيل، وتُختطف الإرادة الشعبية بذرائع واهية، يجد تكتل “الجمهورية القوية” نفسه أمام واجبٍ وطنيّ لا يقبل المساومة: الدفاع عن الدستور وعن حق اللبنانيين – في الداخل والاغتراب – بأن يكونوا شركاء متساوين في تقرير مصير وطنهم.
في ظل الممارسات المتكررة التي يقوم بها الرئيس نبيه بري، تحول مجلس النواب من سلطة تشريعية تمثل الأمة بأسرها وترعى مصالح الشعب اللبناني، إلى أسير في يد رئيسه، يتصرف فيه وكأنه ملكية خاصة، يفتح أبوابه ويغلقها متى شاء، ويقرر ما يناقش وما يدفن في الأدراج. هذه الممارسات لم تعد مجرد تجاوز للأصول، بل انقلاب واضح على الدستور والنظام الداخلي والأعراف ومبدأ الفصل بين السلطات، وضرب صارخ لإرادة الشعب اللبناني الذي منح المجلس النيابي سلطة التشريع والرقابة، لا سلطة التعطيل والاستنساب.
ومن بين أخطر مظاهر هذا التعسف هو رفض رئيس المجلس إدراج اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدم به تسعة نواب بتاريخ 9 أيار 2025، والذين يمثلون أكثر من نصف أعضاء المجلس، والذي يهدف إلى إلغاء المادة 112 من قانون الانتخابات النيابية، في سابقة تعبر بوضوح عن ازدراء رئيس المجلس بإرادة أعضائه.
إن هذه المادة الجائرة تحرم اللبنانيين المنتشرين في جميع أنحاء العالم من حقهم الدستوري والطبيعي في انتخاب ممثليهم الـ 128 كما يفعل المقيمون، وتحصرهم في ستة مقاعد رمزية لا تعبر عن وزنهم الوطني ولا عن مساهمتهم التاريخية في بقاء لبنان وازدهاره، وهي مقاعد أعلنت الحكومة صراحة استحالة توزيعها على القارات وتنظيم الانتخابات بشأنها.
إن منع مناقشة هذا الاقتراح ورفض إدراجه على جدول أعمال الجلسات التشريعية المتكررة منذ أيار الماضي وحتى اليوم، يمثل استكمالاً لنهج الإقصاء والهيمنة، ويدل بوضوح على رغبة مبيتة في تهميش صوت الاغتراب اللبناني الحر، الذي يشكل إحدى أهم ركائز السيادة والكرامة الوطنية.
بناءً على ما تقدم، يعلن تكتل “الجمهورية القوية” قراره الحاسم بمقاطعة الجلسة التشريعية المقررة يوم الثلاثاء المقبل، مؤكدًا أن المشاركة فيها تعني الخضوع لتسلط الرئيس نبيه بري على المجلس النيابي، كما تعني عمليًا التغطية على جريمة دستورية وأخلاقية بحق مئات الآلاف من اللبنانيين المغتربين الذين يراد حرمانهم من حقهم في المساهمة بتغيير الواقع عبر صناديق الاقتراع.
يناشد التكتل جميع النواب الأحرار، من أي كتلة أو انتماء كانوا، بالوقوف إلى جانب الدستور والحق، وعدم منح شرعية لحالة تعطيل المجلس النيابي وإفراغه من دوره الوطني.
كما يدعو التكتل الشعب اللبناني – في الداخل والانتشار – إلى مواكبة هذه المعركة المصيرية بكل الوسائل الديمقراطية والسلمية المتاحة، لأنها ليست مجرد معركة سياسية عابرة، بل معركة وجود بين من يريد دولة القانون والمؤسسات، ومن يصر على إبقاء لبنان رهينة وصاية وتعطيل وفساد.
إذ يجدد التكتل تمسكه بمبدأ المساواة الكاملة بين اللبنانيين في الحقوق والواجبات، يطالب رئيس الحكومة ومجلس الوزراء بتحمل مسؤولياتهما الوطنية، من خلال إقرار مشروع قانون يقضي بإلغاء المادة 112 وإحالته إلى المجلس النيابي بمرسوم معجل مكرر لإقراره قبل انقضاء المهل القانونية استعدادًا للانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2026.
يؤكد التكتل أن معركته ليست ضد أشخاص بأعينهم، بل ضد نهج مستمر في مصادرة المؤسسات وازدراء الدستور، معلنًا أنه سيواصل نضاله من داخل المجلس وخارجه لإعادة الاعتبار لدولة القانون والمساءلة، الدولة التي نفد صبر اللبنانيين في انتظار قيامها.
في الختام، يشدد تكتل “الجمهورية القوية” على أن إرادة اللبنانيين الحرة أقوى من كل محاولات القمع والتعطيل، وأن زمن مصادرة المؤسسات قد ولى إلى غير رجعة، مؤكدًا أن لبنان الغد سيبنى بالحق، بالحرية، وبإرادة جميع أبنائه، ولا سيما المنتشرين منهم الذين سيبقون نبضه الحي وإشعاع نوره مهما طال ليل الظلم واشتدت سطوة الظالمين.