في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والضغوط الأميركية المتزايدة على لبنان، يرى الصحافي والكاتب السياسي غسان ريفي أن التصعيد الكلامي لا يعني بالضرورة نشوب حرب. فمن يريد الحرب، حسب رأيه، يبدأها بسرعة ومباشرة، دون الحاجة إلى تهديدات مطولة. ويؤكد ريفي أن الحرب الإسرائيلية على لبنان لم تتوقف فعليًا، وأن إسرائيل لم تلتزم بوقف إطلاق النار، بل تواصل عدوانها بوتيرة أقل. بينما يلتزم لبنان بجميع جوانب الاتفاق. بالتالي، نحن نعيش حالة حرب مستمرة وليست سلامًا دائمًا.
ويشير ريفي إلى أن لبنان يواجه نيرانًا خارجية وداخلية. النار الخارجية الأولى هي الضغوط الإسرائيلية المتصاعدة والابتزاز المستمر لدفع لبنان نحو مفاوضات مباشرة، بهدف التطبيع. هذا الابتزاز يتخذ أشكالًا مختلفة، مثل الاعتداءات والتدمير والاغتيالات ومنع إعادة الإعمار، بهدف إجبار اللبنانيين على التفاوض المباشر. أما النار الخارجية الثانية فهي النفوذ الأميركي الداعم للتوجهات الإسرائيلية، والذي يعمل كغطاء دبلوماسي، ما يجعل الولايات المتحدة شريكًا في هذه الضغوط، عبر سياساتها وزياراتها ومناوراتها.
أما على الصعيد الداخلي، فيرى ريفي أن هناك نار المحور الأميركي الذي يتبنى الرواية الإسرائيلية ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتطبيع أو التفاهم المباشر، أحيانًا من خلال الدعوة إلى كسر الحواجز مع العدو وإظهار إسرائيل كطرف غير طامع في لبنان، وأحيانًا عبر الظهور الإعلامي للدخول في مسار التطبيع بشكل تدريجي. في المقابل، هناك نار الفريق الممانع الذي يرفض أي مفاوضات مباشرة في ظل استمرار الاحتلال والاعتداءات، ويعتبر أن أي حديث عن نزع السلاح سيؤدي إلى فتنة داخلية، خصوصًا في ظل فشل الدبلوماسية الحكومية في تحقيق انسحاب إسرائيلي.
ويخلص ريفي إلى أننا أمام طريق مسدود، ما لم تمارس الولايات المتحدة ضغطًا فعليًا على إسرائيل. فالكرة الآن في ملعب واشنطن، التي تستطيع الضغط على حكومة نتنياهو لوقف العدوان، ما يسمح للبنان بالالتزام بوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات غير مباشرة عبر آليات رسمية. هناك اقتراح أميركي وافق عليه لبنان يقوم على وقف العمليات لمدة شهرين تمهيدًا لمفاوضات حول الحدود عبر آليات الميكانيزم، ويجب على واشنطن أن تضغط على إسرائيل لتنفيذه. أما إذا استمرت السياسة الأميركية في الصمت أو الدعم غير المشروط، فسنمضي نحو تصعيد مستمر أو حرب أوسع، وعندها قد تلجأ المقاومة إلى تشكيل معادلة ردع جديدة، وهو الأمر الوحيد القادر على كبح جماح إسرائيل في غياب ضغوط دولية حقيقية، وإلا فسيبقى لبنان على هذه وتيرة التصعيد.
