اكتشاف ديناصور صغير في الأرجنتين يعيد كتابة تاريخ الكائنات العملاقة، حيث يمثل “هوايراكرسور جاجوينسيس” نوعًا قديمًا يظهر خصائص الديناصورات ذات العنق الطويل، ويكشف عن تطورها في العصر الثلاثي. الاكتشاف يوسع الخريطة الجغرافية للديناصورات ويكشف عن تكيفها مع بيئات متنوعة.

في أعالي جبال الأنديز بالأرجنتين، اكتشف علماء حفريات نادرة لديناصور صغير يمكن أن يعيد كتابة فصول مهمة من تاريخ هذه الكائنات العملاقة.

الديناصور الجديد، الذي أطلق عليه اسم “هوايراكرسور جاجوينسيس” (أي عدّاء الريح)، عاش قبل حوالي 231 مليون عام، ويُعتبر من أقدم الأنواع المعروفة التي بدأت تظهر خصائص الديناصورات ذات العنق الطويل، والتي ظهرت لاحقًا بأحجام هائلة مثل “براشيوسوروس” و”ديبلودوكس”.

https://www.nature.com/articles/s41586-025-09634-3

الدراسة التي نشرتها مجلة “نيتشر”، أوضحت أن هذا الاكتشاف يقدم دليلًا جديدًا على الكيفية التي بدأت بها الديناصورات الأولى في زيادة أحجامها وتمديد أعناقها مع بداية عصرها في أواخر العصر الثلاثي (الترياسي).

نافذة جديدة على الديناصورات

يوضح أحد الباحثين أن العصر الثلاثي المتأخر شهد تحولات بيئية كبيرة، حيث تبدلت المناخات وانقرضت أنواع كثيرة، مما فتح الطريق أمام صعود مجموعات جديدة من الكائنات مثل الديناصورات وأشباه الثدييات وأقارب التماسيح.

ويضيف أن معظم ما يعرفه العلماء عن بدايات الديناصورات جاء من منطقتين رئيسيتين في أمريكا الجنوبية: حوض إيسيجوالاستو في الأرجنتين وحوض بارانا في البرازيل.

لكن الاكتشاف الجديد جاء من مكان مختلف تمامًا، وهو تشكيلة سانتو دومينجو الصخرية في منطقة نائية تعرف باسم “كويبريدا سانتو دومينجو” بجبال الأنديز شمال غربي الأرجنتين، على ارتفاع حوالي 3 آلاف متر. يقع الموقع ضمن حوض جيولوجي لم يكن معروفًا من قبل، وأطلق عليه العلماء اسم “حوض بريكورديليرا الشمالي”.

ويؤكد الفريق أن هذا الاكتشاف لا يضيف فقط نوعًا جديدًا من الديناصورات، بل يوسع أيضًا خريطتنا الجغرافية لفترة بداياتها، مشيرين إلى أن الديناصورات الأولى لم تعش في السهول المنخفضة فقط، بل وصلت أيضًا إلى مناطق جبلية وعرة لم تُستكشف من قبل.

ما “عداء الريح”؟

كان “هوايراكرسور” ديناصورًا صغير الحجم، طوله حوالي متر ونصف ووزنه حوالي 18 كيلوغرامًا، أي بحجم ديك رومي كبير تقريبًا.

ومع أنه كان يسير على قدمين ويعيش حياة سريعة ورشيقة، فإنه أظهر علامات مبكرة على التحول نحو الشكل العملاق المعروف لاحقًا في الديناصورات العاشبة، وفقًا لأحد الباحثين.

ويقول أحد الباحثين إن فقراته العنقية كانت أطول من أسلافه مثل “إيورابتور” و”ساتورناليا”، كما كانت عظام أطرافه أكثر قوة.

ويضيف أن هذه الخصائص، بالإضافة إلى بدايات استطالة العنق وزيادة الكتلة الجسدية، هما سمتان أساسيتان في تكيفات الديناصورات ذات العنق الطويل التي كانت تتغذى على النباتات العالية في العصور اللاحقة.

ويعتقد الباحثون أن هذا النوع يمثل واحدة من أقدم الأدلة على أن زيادة الحجم وطول العنق حدثا معًا في المراحل الأولى من تاريخ هذه السلالة.

ويضيف: “كانت الديناصورات الأولى صغيرة وخفيفة، لا يتجاوز وزنها 10 كيلوغرامات، ولكن خلال بضعة ملايين من السنين ظهرت أنواع مثل “هوايراكرسور” التي تضاعف حجمها وبدأت تمد أعناقها.”

ويوضح: “وهذا يعني أن البنية الأساسية للعمالقة الذين سيطروا على الأرض لاحقًا كانت قد بدأت بالتشكل في وقت مبكر جدًا من تاريخ الديناصورات”.

كما أظهرت الدراسة الجيولوجية أن الصخور التي دُفن فيها هذا الكائن تختلف عن تلك الموجودة في المواقع المعروفة سابقًا، مما يشير إلى أن هذه الحيوانات كانت قادرة على التكيف مع بيئات متنوعة، من الأودية المنخفضة إلى الجبال المرتفعة.

المصدر: لبنان اليوم