نشر موقع “الجزيرة” باللغة الإنكليزية تحليلاً جديداً طرح عبره سؤالاً أساسياً وهو التالي: “كيف يُعيد حـ.ـزب الله اللبناني تنظيم صفوفه بعد الحرب مع إسرائيل؟”.

 
 
 
يقولُ التحليل الذي ترجمهُ “لبنان24” إنه “بعد مرور عام على اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، تقول التقارير إنّ الحزب يعيد تنظيم صفوفه”، وأضاف: “يعتقد المحللون أنه في حين أن حـ.ـزب الله الضعيف لم يعد قادراً على تشكيل تهديد كبير لإسرائيل، فإنه لا يزال قادراً على خلق الفوضى وتحدي المعارضين محلياً في محاولته إيجاد موطئ قدم سياسي للحفاظ على نفوذه”.
 
وتابع: “بعد أن كان يُنظر إلى حـ.ـزب الله لفترة طويلة باعتباره أقوى فاعل مسلح غير حكومي في المنطقة، وجد نجمه يتراجع في العام الماضي، مما أدى إلى دفع دولي ومحلي لنزع سلاحه بالكامل. كذلك، يعتقد المحللون أنه إذا تم التعامل مع الضغوط لنزع سلاح الجماعة بتهور، فقد تؤدي إلى رد فعل عنيف وافتعال صراع داخلي قد يفوق الضغوط الدولية والإقليمية”.
 
وأكمل: “لكن حـ.ـزب الله ما زال يتسم بالتحدي في خطابه، وقد وعد برفض جهود الحكومة اللبنانية لنزع سلاحه، كما أكد أمينه العام الحالي نعيم قاسم يوم السبت أمام حشد من الآلاف من الناس الذين تجمعوا عند مرقد نصـ.ـرالله لإحياء ذكرى اغتياله”.
 
وأضاف: “لقد بدأ حـ.ـزب الله تبادل الهجمات مع إسرائيل في 8 تشرين الأول 2023، أي بعد يوم من شنّ الأخيرة حربها على غزة، واستمر هذا حتى أيلول 2024، عندما أدى تكثيف إسرائيل |للعـ.ـدوان العسكري وما تلاه من غزو إلى مقتل 4000 شخص في لبنان، وإصابة الآلاف، وتشريد مئات الآلاف”، كما يقول التقرير.
 
وبحلول الوقت الذي أُعلن فيه عن وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني، كان معظم كبار القادة العسكريين لحزب الله، بما في ذلك نصر الله، قد اغتالتهم إسرائيل.
 
وينقلُ التقرير عن مصادر دبلوماسيّة على إتفاق وقف إطلاق النار إن “شروط الأخير كانت غامضة، لكنَّ الفهم العام كان أن الجانبين (حـ.ـزب الله وإسرائيل) سيوقفان الهجمات، وأن حـ.ـزب الله سينزع سلاحه في جنوب لبنان، وأن إسرائيل ستسحبُ قواتها من الجنوب. لكن بعد ذلك بوقت قصير، جادلت إسرائيل والولايات المتحدة بضرورة نزع سلاح حـ.ـزب الله بالكامل من كل لبنان”.
 
وأكمل: “بعد أن لاحظ خصوم حـ.ـزب الله المحليون والإقليميون ضعفه، بدأوا يطالبونه بالتخلي عن سلاحه. وإذ استشعر العديد من حلفاء حـ.ـزب الله المحليين تغيّر رياح المنطقة، هبّوا وأعلنوا دعمهم لنزع سلاحه بالكامل”.
 
وذكر التقرير أن “الحكومة اللبنانية أعلنت في 5 أيلول الجاري، أن القوات المسلحة اللبنانية كُلِّفت بوضع خطة لنزع سلاح حـ.ـزب الله”، وأضاف: “في غضون ذلك، واصلت إسرائيل انتهاك وقف إطلاق النار ، بقصفها جنوب لبنان. أيضاً، صرحت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في الجنوب بأن إسرائيل ترتكب انتهاكات متواصلة لإتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك غارات جوية وطائرات مسيرة على الأراضي اللبنانية”.
 

وتابع: “على الرغم من التكهنات الإعلامية بأن حـ.ـزب الله يعيد تنظيم صفوفه في جنوب لبنان، وخاصة في وسائل الإعلام المعادية لحزب الله، فإنه لم يعلن عن مسؤوليته إلا عن هجوم واحد منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني”.
 
وأضاف: “يرى المحللون أن حـ.ـزب الله لم يعد في وضع يسمح له بتهديد إسرائيل، ما يعني أن أي قرار من جانب الأخيرة بتوسيع هجماتها في لبنان سيكون لاعتبارات أخرى غير قدرات حـ.ـزب الله الحالية. كذلك، يجدُ حـ.ـزب الله وأنصاره أن تهديدات إسرائيل وخروقاتها المتواصلة، فضلاً عن استمرار وجودها المحتل لخمس نقاط على الأراضي اللبنانية، يبرر ضرورة المقـ.ـاومة”.
 
بدوره، يقول المحلل مايكل يونغ مُعلقاً: “لن تتمكن أي قوة عسكرية أو سياسية من إعادة تنظيم صفوفها بعد تعرضها لهزيمة كبيرة كما حدث مع حـ.ـزب الله العام الماضي”.
 

أما التقرير، فيسأل هنا: “لكن هل هم (أي حـ.ـزب الله) في وضع يسمح لهم بإطلاق الصواريخ وقصف شمال إسرائيل على طول الحدود؟”.. الإجابة التي يقدمها التقرير هي: “لا”..
 
إلى ذلك، ينقلُ التقرير عن الباحث السياسي اللبناني عماد سلامة قوله إنّ “حـ.ـزب الله مُنهك بشكل ملحوظ، فقد شهد استنزافاً في القيادة، واختراقات في الاتصالات، وضربات في القيادة والسيطرة”، وأضاف: “الحزب سيحاول التعافي، لكن المسار المُحتمل هو حـ.ـزب الله أصغر حجمًا، وأقل تكلفة، وأكثر مرونة”.
وذكر سلامة أن “التقييمات الإسرائيلية نفسها تشير إلى الضرر الذي وقع ومحاولات حـ.ـزب الله للتجديد من خلال التهريب/الإنتاج الذاتي تحت ضغط استخباراتي مكثف، مما يشير إلى أن أي انتعاش سيكون جزئياً وتكتيكياً وليس هيكلياً في الأمد القريب”.
 
التقرير يقولُ إنه “في أوائل كانون الأول، تمّت الإطاحة بنظام حليف حـ.ـزب الله، بشار الأسد، في سوريا، في ضربة أخرى للجماعة، حيث جرى قطع طريق بري مباشر للأسلحة والتمويل بالنسبة لحزب الله”، وأضاف: “في غضون ذلك، قال محللون إن حـ.ـزب الله يحاول استخدام نفوذه المتبقي من خلال الدبلوماسية، حتى أنه أرسل إشارات إلى خصومه القدامى مثل المملكة العربية السعودية”.
 
وهنا، قال محللون إن الرسالة الموجهة إلى السعودية هي جزء من تحول في استراتيجية الحزب، فيما يشير يونغ إلى أن “هناك تلميح إلى أن الحزب يشعر بقدرته على التعامل مع الأمور سياسياً”، وأضاف: “قد يشعر الحزب أنه لا يحتاج للجوء إلى القوة أو السلاح إذا استطاع تحقيق مكاسبة أكبر من النظام”.
 
من ناحيتهم، يقولُ محللون ودبلوماسيون عبر “الجزيرة” إنَّ “حـ.ـزب الله لا يزال قادراً على إثارة التوترات لكنه تجنب تأجيج أي نيران بسبب الدعم المتزايد للدولة اللبنانية وكذلك التعب والصدمة التي أصيب بها أعضاء حـ.ـزب الله وأنصاره بسبب حرب العام الماضي والهجمات الإسرائيلية المستمرة على لبنان”.
 
من ناحيته، قال دبلوماسي غربي كبير مطلع إنه “إذا كان حـ.ـزب الله يسعى إلى إعادة تنظيم صفوفه العسكرية، فمن المرجح أن يتم ذلك في البقاع وليس في الجنوب، حيث كانت آلية وقف إطلاق النار فعالة إلى حد كبير في الإشراف على انسحاب حـ.ـزب الله”.
 
أما يونغ فقال إن “المجموعة تبدو وكأنها تغير استراتيجيتها السياسية”، مضيفاً أن “حـ.ـزب الله، بناء على تعليمات من إيران، قد يبحث في نهاية المطاف عن بعض التسويات”.
 
 
مع هذا، تتمثل مخاوف الدبلوماسيين والمحللين في أن المواجهة بين الجيش وحزب الله قد تؤدي إلى صراع داخلي وتفكك محتمل للجيش على أسس طائفية ــ على غرار ما حدث في الأيام الأولى من الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990.
 
وفي حديثه، قال يونغ للجزيرة: “إن نزع سلاح حـ.ـزب الله بالقوة هو أسوأ خيار ممكن، ولكن من الواضح أن هذه هي الطريقة التي يضغط بها الأميركيون بشكل متزايد على الحكومة اللبنانية لحل هذه المشكلة”.
 
وختم: “إن الجيش اللبناني غير مستعد لحل هذه المسألة من خلال استخدام القوة لأنه لا يريد أن يضطر إلى الدخول في صراع مع حـ.ـزب الله”.


المصدر:
ترجمة “لبنان 24″


مواضيع ذات صلة