نشرت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية تقريراً جديداً ذكرت فيه أن الانتهاكات المتكررة التي تقوم بها الطائرات الروسية، لأجواء دول الناتو في الأسابيع الأخيرة، أثارت جدلاً متصاعداً داخل الحلف حول كيفية الرد، بما في ذلك خيار إسقاط الطائرات المتوغلة.

 

وفي بيان مشترك، شدد سفراء الناتو على أن “الحلف لن يتردد في استخدام كل الأدوات العسكرية وغير العسكرية، وفقاً للقانون الدولي للدفاع عن نفسه وحماية أعضائه”، لكن موسكو تصر على أنها لم ترتكب أي خطأ.وبحسب التقرير، فقد لوّح عدد من الدول الأعضاء، في الحلف منها بولندا والسويد، باستعدادها لإسقاط أي طائرات روسية تدخل أجواءها. غير أن مراقبين أشاروا إلى تباين جوهري بين الموقفين الروسي والغربي؛ إذ تعتبر موسكو أنها في حالة صراع عسكري مع الغرب، بينما يؤكد الناتو أنه تحالف دفاعي يهدف إلى الردع وتفادي التصعيد.
وقال تشارلي سالونيوس-باسترناك، الرئيس التنفيذي لمركز الأبحاث “نورديك ويست أوفيس”، في هلسنكي: “هناك اختلاف جوهري بين موسكو والناتو. روسيا قالت إنها تعتقد أنها في صراع عسكري معنا ومع الغرب. نحن لا نرى الأمر كذلك، ولهذا فإن قواعد الاشتباك لدينا مختلفة”.
وأشارت أوانا لونغيسكو، المتحدثة السابقة باسم الناتو، والزميلة حالياً في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إلى أن القواعد الخاصة بالتعامل العسكري داخل الناتو تظل سرية، فهي تحدد “المعايير لما يمكن أن يفعله الجيش في أي وضع معين، ما يعني أنها تختلف كثيراً بحسب المهمة أو العملية”.وأضافت أن “قواعد الاشتباك يجب أن تتماشى مع التوجيهات السياسية للحلف. بالنسبة للناتو، التوجيه السياسي الرئيسي هو أنه تحالف دفاعي يهدف إلى ردع العـ.ـدوان ومنع أي صراع، وإذا فشل ذلك، الدفاع ضده وهزيمته”.
ومع ذلك، يظل لكل دولة عضو الحق في الدفاع عن مجالها الجوي وفق قراراتها الوطنية، وهو ما دفع دولاً مثل ليتوانيا ورومانيا مؤخراً إلى تعديل قواعدها، للتعامل مع الانتهاكات بشكل أسرع.حادثة إستونيا
 

وفي حادثة يوم الجمعة الماضي، امتنع الناتو عن إسقاط المقاتلات الروسية، مبرراً ذلك بعدم وجود “تهديد مباشر”، في وقت حذر فيه محللون من مخاطر التصعيد واحتمال استغلال روسيا لغياب موقف أميركي واضح.
وقال الأمين العام للناتو مارك روته: “إن القرارات بشأن إطلاق النار تعتمد دائماً على تقييم التهديد”، مشيراً إلى أنه لم يتم رصد “أي تهديد مباشر” في حادثة إستونيا.
فيما أكد رئيس وزراء إستونيا، أن “هناك معايير مختلفة لاستخدام القوة”، موضحاً أن الحادثة لم تستدع ذلك رغم أنها كانت متعمدة.
هل تتغير قواعد الاشتباك؟
 

وتتزايد الأصوات المطالبة بتشديد قواعد الاشتباك، حيث دعا بعض قادة أوروبا الشرقية، ومن بينهم رئيس جمهورية التشيك، إلى رد أكثر قوة في المرات المقبلة، بما في ذلك إسقاط الطائرات الروسية.
 
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إنه “يعتقد أن دول الناتو يمكنها إسقاط الطائرات الروسية المخترقة”، وأكد وزير الخارجية البولندي ذلك، قائلاً: “مفهوم”.ولفتت الصحيفة إلى أنه لا يزال من غير الواضح، ما إذا كانت القواعد الحالية تسمح بإسقاط الطائرات الروسية، متسائلة “إذا كان الأمر كذلك، فما هي الظروف المحددة لذلك؟”.
والجدير بالذكر، أن آخر حادثة أسقطت فيها دولة عضو في الناتو طائرة روسية تعود إلى عام 2015، حين أسقطت تركيا مقاتلة “سوخوي-24” بعد اختراق قصير لأجوائها، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية مع موسكو انتهت لاحقاً باعتذار أنقرة، لكن مع توقف الانتهاكات الجوية الروسية. (24)