
ارتفعت أسعار السندات الحكومية اللبنانية، التي تعثرت الحكومة في سدادها، إلى أربعة أمثالها تقريباً خلال العام الماضي، إذ راهن المستثمرون على مؤشرات الانتعاش الاقتصادي، لكن التباين الكبير في تقديرات قيمتها المحتملة بعد إعادة الهيكلة قد يكبح أي ارتفاع آخر.
ولن تصبح “قيمة الاسترداد” للسندات أكثر وضوحاً، حتى يقرر المشرعون مستوى الخسائر التي يتعين على البنوك المحلية المتعثرة أن تتحملها، وهو ما سيحدد بدوره مقدار الأموال التي تستطيع الحكومة تحويلها إلى حاملي السندات، وفق تقرير نشرته وكالة “رويترز”.
وارتفعت السندات من 6 سنتات فقط للدولار قبل عام إلى ما يقرب من 24 سنتاً، في أعقاب انفراجة سياسية أنهت أكثر من عامين من الشلل الحكومي، الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان.آمال عريضة
وحفز تشكيل حكومة جديدة في شباط الماضي المكاسب، إذ يأمل المستثمرون أن تقرب السلطات البلاد من الحصول على أموال إعادة الإعمار، بعد حرب مدمرة بين إسرائيل وحزب الله.
ومع ذلك، يقول بعض محللي الدخل الثابت إن الارتفاع ربما جاء قبل أوانه في ظل عدد لا يحصى من الأمور التي تكتنفها الضبابية، ولا سيما بشأن “قيمة استرداد” السندات، وهذا الرقم هو ما ستكون عليه قيمة السندات، بعد إعادة هيكلة الديون التي طال انتظارها والتي تعتبر ضرورية لإنعاش الاقتصاد.وقال روجر مارك، المحلل في فريق الدخل الثابت في شركة ناينتي وان التي تحوز السندات: “يمكن بناء تصورات لقيمة الاسترداد في نطاق واسع من 20 إلى 40 سنتاً”. وأضاف “بالطبع، هناك أيضاً تصورات أكثر سلبية إذا لم نحصل على اتفاق مع صندوق النقد الدولي في العام المقبل”.
وارتفعت الآمال في أن يتمكن لبنان من الحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد للمساعدة في إعادة البناء، بعد أن قال الصندوق في يونيو (حزيران) الماضي، إن البلاد أحرزت تقدماً نحو التوصل إلى اتفاق. وسيقوم فريق من البنك بزيارة بيروت هذا الشهر لدفع المناقشات.بوادر إحراز تقدم
وبعد التخلف عن سداد سنداته الدولية المستحقة البالغة 31 مليار دولار في آذار 2020، تفاقمت الأزمة المالية في لبنان، مما أدى إلى استنزاف الميزانيات العمومية للبنوك وخسارة العملة 99% من قيمتها.
وانخفضت السندات إلى أقل من 6 سنتات مع تضاؤل الآمال في إعادة هيكلة الديون، أو خطة إنقاذ حاسمة من صندوق النقد الدولي.
وفي أعقاب انتخاب البرلمان لرئيس جديد في كانون الثاني الماضي، أقر المشرعون في تموز الماضي قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي طال انتظاره، وهو واحد من عدة تشريعات ضرورية لإصلاح النظام المالي.واستفاد المستثمرون مما وصفه فاروق سوسة الخبير الاقتصادي في بنك غولدمان ساكس بأنه “تباين” في السندات الرخيصة للغاية. لكنه قال إن العقبات المتبقية من المحتمل أن تكون أكبر مما يعترف به بعض المستثمرين، الذين تحركهم مخاوف تفويت فرصة تحقيق عوائد هائلة.
كذلك، حذر مصرف لبنان المركزي نفسه الأسبوع الماضي، من أن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية من شأنه أن يعقد جهوده لإعادة هيكلة سنداته الدولية.انتبهوا “للفجوة المالية”
ومستوى الخسائر التي يتعين على البنوك المتعسرة أن تتحمله، والمعروف باسم “الفجوة المالية”، هو الفرق بين التزامات البنوك وأصولها. ولا يتوقع الكثيرون أن يقر النواب تشريعات حاسمة تحدد هذا الأمر قبل الانتخابات في أيار 2026.
وتتباين التقديرات بشكل كبير، وحسابها معقد ويتأثر بالعوامل السياسية، ولكنه أساسي لتحديد قيمة استرداد السندات.
وقبل عامين، قدر صندوق النقد الدولي أن المصرف المركزي ـ الذي يمثل الجزء الأكبر من الفجوة ـ قد ينتهي به الأمر إلى تحمل حقوق ملكية سلبية بقيمة 60 مليار دولار.وفي آذار الماضي، أشارت حسابات معهد التمويل الدولي إلى تقلص حقوق الملكية السلبية لمصرف لبنان المركزي، إلى 48.4 مليار دولار من 76.4 مليار دولار في نهاية عام 2022.
وسوف يحدد حجم ما يتعين على الحكومة تحمله ما سيقرر صندوق النقد اعتباره “محتملاً” بالنسبة لبيروت، لتدفعه لحاملي السندات وغيرهم في عملية لإعادة الهيكلة.
وحتى بعد أن تتضح الأرقام الأساسية، بما في ذلك فجوة التمويل، فإن قيمة الاسترداد سوف تتباين أيضاً اعتماداً على كيفية إدراج الفائدة المتأخرة، التي قدرها بنك جيه.بي مورغان بنحو 14.3 مليار دولار، ومستوى عمليات خفض القيمة التي سيتعين على حاملي السندات تحملها. (24)