يُعدّ فصل الخريف من الفصول الانتقالية التي تشهد تغيراً واضحاً في الظروف المناخية، حيث تنخفض درجات الحرارة تدريجياً، وتتبدل معدلات الرطوبة، وتزداد حركة الرياح، مما ينعكس بشكل مباشر على الصحة العامة. وتُظهر الإحصائيات الطبية ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الإصابة بالأمراض التنفسية والحساسية الموسمية خلال هذه الفترة، خصوصاً لدى الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في المناعة.

تتراوح الأعراض الشائعة المرتبطة بهذه المرحلة ما بين الزكام، والسعال، والتهاب الحلق، واحتقان الأنف، وصولاً إلى نوبات الربو، إضافة إلى بعض الأعراض النفسية كالشعور بالخمول واضطراب النوم. وتُعزى هذه الظواهر إلى التقلّب المستمر في الطقس، والانتقال المفاجئ من الأجواء الحارة إلى الأجواء الباردة، مما يجهد الجسم ويضعف مقاومته.في هذا السياق يقول أحمد طالب طبيب متخصص في أمراض الرئة والجهاز التنفسي: “مع بداية فصل الخريف، تتغير درجات الحرارة بشكل ملحوظ، ما يؤثر على توازن الجسم البيولوجي. هذا التغير المفاجئ يضعف جهاز المناعة، ما يجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التنفسية، مثل نزلات البرد والإنفلونزا، التي تنتشر بشكل أكبر في هذه الفترة. لذلك، يُعتبر الخريف موسماً حساساً يجب التعامل معه بحذر”.
وأشار طالب الى “أن يزداد تركيز المهيجات البيئية مثل الغبار وحبوب اللقاح في الهواء مع دخول الخريف، ما يؤدي إلى تفاقم أعراض الحساسية لدى العديد من الأشخاص. تظهر هذه الأعراض على شكل سيلان الأنف، العطس المتكرر، احتقان الحلق، وأحياناً نوبات الربو التي قد تتطلب متابعة طبية مستمرة”.
وأفاد “بأن يُلاحظ في فصل الخريف تغير في الحالة النفسية للعديد من الأفراد، نتيجة لانخفاض ساعات ضوء النهار وقلة التعرض لأشعة الشمس. قد يؤدي ذلك إلى اضطرابات في النوم، شعور بالخمول، وتقلبات مزاجية خفيفة تُعرف بالاكتئاب الموسمي. من المهم الانتباه لهذه الأعراض والعمل على تحسين نمط الحياة للتقليل من آثارها”.
وأكد طالب “أن التغذية تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز مناعة الجسم خلال فصل الخريف. ينصح بتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين سي وفيتامين د، إضافة إلى مضادات الأكسدة التي تحارب الالتهابات. الالتزام بنظام غذائي صحي يساهم في تقليل فرص الإصابة بالأمراض الموسمية”.
واعتبر “أن الوقاية أفضل الطرق للحماية من أمراض الخريف، ويشمل ذلك الالتزام بالنظافة الشخصية، ارتداء الملابس المناسبة للطقس المتقلب، تهوية المنازل بشكل دوري، وأخذ اللقاحات الموسمية كالإنفلونزا. كما يُنصح بمراجعة الطبيب فور ظهور أي أعراض للتمكن من الحصول على العلاج المناسب في الوقت المناسب”.بدوره، قال ابراهيم الزعرت، مريض يعاني من الربو التحسسي: مع حلول فصل الخريف، بدأت أشعر بتغير في صحتي، حيث يظهر عليّ دائماً إرهاق غير مفسر وسيلان مستمر في الأنف، يعقبه سعال مزعج لا يفارقني. هذه الأعراض تكررت معي سنوياً، وأصبحت أشعر بأنها جزء من هذا الفصل.
أصاف: تسببت هذه الحالات في تعطيل الكثير من نشاطاتي اليومية، فكنت أجد صعوبة في التنفس بشكل طبيعي، وأشعر بثقل في صدري يمنعني من ممارسة الرياضة أو حتى القيام بالأعمال العادية. كما أن النوم أصبح مضطرباً بسبب هذه الأعراض.
وأوضح الزعرت: “لاحظت أنني أعاني من حساسية تزداد حدتها في هذا الفصل، حيث يعتريني العطاس المتكرر وتهيج الحلق، إضافة إلى حكة في العيون وأحياناً صداع متكرر. هذه الحالة تؤثر على تركيزي في العمل وتسبب لي الإزعاج الدائم”.
وأكد “أن مع تكرار هذه الأعراض، شعرت بأن حالتي النفسية تتدهور قليلاً، إذ ينتابني شعور بالخمول والكسل، أحياناً أجد نفسي أقل نشاطاً وأكثر عرضة للتوتر، وربما يرجع ذلك لقلة الشمس وقصر ساعات النهار”.
وأشار الزعرت الى “أن على الرغم من كل هذه المعاناة، حاولت اتباع نصائح الأطباء، مثل تقوية المناعة بالمواد الغذائية، وارتداء الملابس الدافئة، والابتعاد عن مسببات الحساسية قدر الإمكان. إلا أنني ما زلت أجد صعوبة في التخلص من هذه الأعراض بشكل كامل”.تعدُّ أمراض فصل الخريف من التحديات الصحية التي تواجه الإنسان مع بداية تغير المواسم، نظراً لتقلبات الطقس وتأثيرها المباشر على الجهاز المناعي والجهاز التنفسي، إضافة إلى تأثيرها النفسي على بعض الأفراد. وللحد من هذه الآثار، تبرز أهمية الوعي بالوقاية والالتزام بالإرشادات الطبية التي تساهم في تقوية الجسم وحمايته من العدوى.
إن المحافظة على نمط حياة صحي، وتوفير بيئة مناسبة من حيث النظافة والملبس المناسب، إلى جانب الاهتمام بالتغذية المتوازنة ومتابعة الحالات المزمنة بانتظام، تشكل الركائز الأساسية لتجاوز هذه الفترة بأقل قدر ممكن من المضاعفات.
ويبقى التواصل المستمر مع المختصين والاستجابة السريعة لأي أعراض غير مألوفة، أمراً ضرورياً للحفاظ على الصحة العامة، والتمتع بفصل الخريف بأمان وسلامة.