بين سطوة الأمس وأزمات الحاضر!! هل انهار الحزب ؟؟

Telegram     WhatsApp
هل انهار الحزب

هل انهار الحزب ؟؟

هل انهار الحزب ؟؟ حتى أواخر عام 2024، كان حزب الله يُصنَّف كأحد أقوى أذرع إيران في المشرق، لاعبًا أساسيًا في النزاعات الإقليمية، وصاحب كلمة حاسمة في لبنان. غير أن تطورات متسارعة ومتصاعدة دفعت بالحزب إلى موقع دفاعي غير معتاد، بعد أن كانت أدواته القتالية والسياسية تمنحه تفوقًا نسبيًا على الساحة المحلية والإقليمية.

تصعيد غير محسوب وتبعات قاتلة

في 7 تشرين الأول 2024، افتتحت حركة حماس جولة عنف جديدة مع إسرائيل، أدخلت معها حزب الله في معادلة جديدة من التحديات. أقدم الحزب على تصعيد جبهته الشمالية، مطلقًا صواريخ دقيقة ومسيرات نحو الداخل الإسرائيلي، سعيًا لتعزيز موقعه ضمن “محور المقاومة”، ومحاولة ملء الفراغ الذي خلّفه ضعف الفصائل في غزة.

لكن الرد الإسرائيلي لم يكن تقليديًا. عمليات عسكرية مُمنهجة ضربت البنية التحتية للحزب في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، استهدفت مخازن أسلحة، ومراكز قيادة، ونقاط مراقبة. الأشد وقعًا، كان غياب القيادة بعد إعلان مقتل الأمين العام حسن نصر الله وعدد من القادة البارزين، ما أحدث حالة من الإرباك في البنية التنظيمية، وضعضعة في المعنويات.

ضغوط خارجية وشلل داخلي ، هل انهار الحزب ؟؟

التبعات لم تقتصر على الجانب العسكري. فالعقوبات المشددة، والإجراءات المالية التي طالت ممولي الحزب وشبكات تمويله، أدّت إلى جفاف مالي خانق. لم يعد الحزب قادرًا على تغطية خسائره البشرية واللوجستية، ولا على دفع رواتب عناصره كما في السابق، ما سرّع من التراجع الهيكلي داخل صفوفه.

تراجع الشعبية… من الداخل هذه المرة

البيئة اللبنانية المنهكة أساسًا زادت من حرج موقف الحزب. في بلدٍ ينهار اقتصاديًا ومؤسساتيًا، تزايدت النقمة الشعبية، ليس فقط من الخصوم، بل من الحاضنة التقليدية للحزب في الجنوب والبقاع، حيث بدأت الأصوات تتعالى رافضة الزجّ بالشباب في معارك غير محسوبة، تعود بالمزيد من العزلة والمآسي على مجتمع يعاني أساسًا من العوز والتهميش.

لم يعد الحزب ذاك الرمز المقدس في نظر الكثير من أنصاره. تبددت الهالة، وبدأ الناس يحمّلونه جزءًا كبيرًا من مسؤولية تدمير فرص إنقاذ لبنان، وقطع علاقاته مع العالم العربي والمجتمع الدولي.

الانحسار الإقليمي: طهران في موقف دفاعي

ما يجري لا ينفصل عن التغيرات الإقليمية الكبرى. طهران، التي كانت تدير نفوذها الإقليمي عبر أذرع متعددة، تواجه اليوم جملة انتكاسات: من تراجع الحضور في اليمن، إلى فقدان الهيمنة في سوريا، وتآكل الفصائل الموالية في غزة. ومع تشديد الضغوط الدولية بسبب الملف النووي، لم تعد إيران قادرة على تمويل الحزب كما في السابق.

هذا التراجع في الدعم الخارجي جعل الحزب مكشوفًا على كافة المستويات. فقد شبكة الأمان، وتقلّصت قدرته على المبادرة، وانكفأ إلى الداخل، حيث تشتد عليه الضغوط، وتكاد تنعدم الخيارات.

إلى أين يتجه الحزب؟

السؤال الأبرز اليوم: ما هو مستقبل حزب الله؟ فالسياق العام يُنذر بأن الحزب لم يعد ذلك الكيان الذي لا يُمس. تغيّرت موازين القوة، وتراجعت شرعيته، وانكشفت بنيته. وللمرة الأولى، يبدو أن المنظومة المسلحة الخارجة عن الدولة تُدفع دفعًا إلى إعادة الحسابات، أو مواجهة التفكك.

لبنان الرسمي، في ظل الانهيار التام، لم يعد يحتمل أي قوى موازية. والمجتمع الدولي، الذي لطالما تغاضى عن سلاح الحزب تحت عناوين “المقاومة”، لم يعد مستعدًا لذلك. والشارع اللبناني، المنهك والجائع، لم يعد يُبالي بشعارات لا تُطعم ولا تُشغّل.

هل انهار الحزب ؟؟

حزب الله يواجه اليوم أكثر من مجرد أزمة ظرفية. إنه أمام اختبار وجودي حقيقي. ففي عالم تتغير فيه موازين القوى، وتُعاد فيه صياغة الخرائط والتحالفات، لم يعد هناك مكان للكيانات المسلحة خارج الدولة. التحدي أمام الحزب الآن: إما التحوّل نحو منطق الدولة والمشاركة السياسية المشروعة، أو المضي في مسار الانهيار، وقد بدأ العدّ العكسي فعلًا.

لبنان اليوم