احمد الشرع يهين لبنان و اللبنانيين ، ويستمر بنهج سلفه الأسد المخلوع

احمد الشرع يهين لبنان و اللبنانيين ، ويستمر بنهج سلفه الأسد المخلوع
احمد الشرع يهين لبنان و اللبنانيين – في خطابٍ وُصف بالاحتفالي ألقاه الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع بعد إعلان رفع العقوبات الأميركية عن بلاده،
حرص الرجل على استعراض مواقف الدول العربية “الصديقة” واحدة تلو الأخرى، مُتغنياً بدعمها، ومُثنياً على تضامنها، ومُكرراً عبارات الامتنان.
الخليج، مصر، الجزائر، وحتى موريتانيا… جميعها حازت نصيبها من الشكر، إلا لبنان.
لبنان، الذي استقبل أكثر من مليون لاجئ سوري منذ عام 2011، لم يُذكر لا من قريب ولا من بعيد.
هذا التجاهل لم يكن سقطاً خطابياً ولا سهو بروتوكولي،
بل كان بمثابة رسالة سياسية مدروسة تعكس عمق النظرة السورية القديمة-الجديدة تجاه لبنان ككيان، وليس كجار.
الرؤية السورية، لبنان ليس دولة مستقلة بل “ملحق تاريخي”
من الواضح أن رفع العقوبات لم يُغير شيئاً في الرؤية المركزية للنظام السوري حيال لبنان.
فمهما تغيّرت الأسماء في دمشق، فإن الذهنية واحدة: لبنان ليس سوى كيان مُلحق بسوريا التاريخية،
ناتج عن تقسيمات سايكس – بيكو، لا يستحق اعترافاً سيادياً كاملاً.
وهذا الطرح ليس جديداً.
سبق أن عبّر عنه مسؤولون سوريون سابقون، لكنه اليوم يأخذ طابعاً أكثر وقاحة عبر ممارسات متكررة تعكس ازدراءً واضحاً للبنان كدولة، وكشعب، وكدور إقليمي مستقل.
من رفع العقوبات إلى خفض السيادة اللبنانية
رفع العقوبات عن سوريا بقرار من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وبدعم خليجي واسع، أعاد سوريا إلى ساحة الحراك العربي والدولي.
لكن هذا “الانفتاح” لم ينعكس إيجاباً على العلاقة مع لبنان.
بل على العكس، ازداد التوتر والبرود في العلاقات الثنائية، خصوصاً بعد أن بدأ الشرع يتصرّف وكأن لبنان ليس طرفاً نديّاً، بل مجرد مساحة نفوذ يجب إعادة ضبطها.
وفي زيارة رسمية قام بها وفد لبناني رفيع المستوى برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي،
لم يتردد الشرع في تحميل لبنان – وتحديداً “حزب الله” – مسؤولية الخراب السوري، متناسياً تدخلات نظامه الطويلة في الشأن اللبناني، من حرب المخيمات إلى الاغتيالات والتدخلات الأمنية.
احمد الشرع يهين لبنان و اللبنانيين ، ممارسات عدائية تتجاوز الخطاب السياسي
بعيداً عن الكلام، تُرجم هذا الموقف السوري عملياً بعدة خطوات استفزازية:
- تعيين عسكري منشق ومطلوب للقضاء اللبناني مديراً لجهاز الاستخبارات السورية في حمص، وهي منطقة حدودية محاذية للبنان، في خطوة وُصفت بالعدائية الصريحة.
- طرد آلاف اللبنانيين من القرى الحدودية السورية بحجج واهية، تراوحت بين الاشتباه بالتعاون مع مهربين، وبين تصفية حسابات سياسية قديمة.
- إبقاء ملف التهريب والمخدرات مفتوحاً كوسيلة ابتزاز دائم، رغم أن الوقائع الميدانية تشير إلى أن الأراضي السورية لا تزال منصة رئيسية لهذه التجارة غير المشروعة.
اللاجئون السوريون في لبنان، ورقة ابتزاز سياسي
بدلاً من التعامل بجدية مع ملف اللاجئين السوريين في لبنان، باعتباره أزمة إنسانية مشتركة،
عمدت دمشق إلى تسييس هذا الملف بطريقة فجة.
آخر فصول هذا الابتزاز كان مطالبة السفارة السورية في بيروت بمنح إقامة دائمة ومجانية للاجئين السوريين،
متجاوزة بذلك السيادة اللبنانية، ومتناسية الهشاشة الديموغرافية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان.
فشل الاتفاقات الثنائية.. وتعطيل متعمّد للتعاون
رغم محاولات سعودية لرعاية اتفاق جدة بين لبنان وسوريا لتنظيم العلاقة بعد رفع العقوبات،
بقي الاتفاق حبراً على ورق. لا لجان تنسيق، ولا غرف عمليات، ولا نية حقيقية للتعاون.
سوريا، كما يبدو، غير معنية بترسيم الحدود، ولا بوقف التهريب، ولا حتى بمصير المفقودين اللبنانيين في سجونها.
على العكس، بادرت دمشق مؤخراً إلى فتح ملف “المفقودين السوريين في لبنان”،
محاولة خلق توازن وهمي ينسف أي تقدم في المسائل العالقة.
احمد الشرع يهين لبنان و اللبنانيين ، لا اعتراف بلبنان كدولة مستقلة
كل ما سبق، من الخطاب المتعجرف إلى الممارسات اليومية،
يوصل رسالة واحدة: سوريا لا ترى في لبنان دولة مستقلة، بل ساحة نفوذ يجب تدجينها أو إخضاعها.
وفي الوقت الذي يتغنّى فيه بعض المسؤولين اللبنانيين بـ”إعادة العلاقات الأخوية” و”التنسيق الإيجابي”،
يظهر بعضهم الآخر بمشهد مؤسف من “تمسيح الجوخ”، مترجّين ود دمشق من دون حفظ لكرامتهم ولا لكرامة بلدهم.
لبنان ليس سلعة دبلوماسية
لقد كشفت لحظة رفع العقوبات عن سوريا شيئاً أعمق من خطاب. لقد أزاحت القناع عن موقف سوري تقليدي لم يتبدّل، بل تأصّل أكثر مع “الشرعية الجديدة”.
لبنان بالنسبة لدمشق ليس سوى ورقة بيد النظام، تُستخدم في بازار المصالح، واللاجئون ليسوا سوى أدوات ضغط، والسيادة اللبنانية ليست سوى وهم مؤقت في نظر الحاكم السوري الجديد.
هل سيبقى لبنان في موقع المتلقي؟ أم حان الوقت لفرض معادلة جديدة تُذكّر دمشق أن زمن “الوصاية” قد انتهى بلا رجعة؟