مَنْ يحل الخلاف بين حزب الله والتيار؟


ينشغل “التيار الوطني الحرّ” ورئيسه جبران باسيل بالكثير من المشاكل السياسية التي أصبحت تشكل ثقلاً على كاهله، ولعل اهمها المشكلات الحزبية الداخلية التي ستؤثر حتماً على تماسكه الحزبه وعلى وضعه الإنتخابي لاحقاً، كما ان إحدى مشاكل باسيل الاساسية هي محاولة استغلال اللحظة الراهنة لقطع الطريق بشكل نهائي على رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مستفيداً من إنشغال “حزب الله” بالجبهة الجنوبية، واضافة الى كل ذلك هناك أزمة “وطنية”تصيب التيار وهي غياب تحالفاته السياسية أو هشاشتها وتحديداً تحالفه مع الحزب الذي اعطاه في السنوات الماضية دفعاً سياسياً كبيراً.


من المؤكد أن “حزب الله” ليس في وارد تقديم تنازلات سياسية واعلامية لحليفه السابق في ظل وجود حرب على الجبهة الجنوبية، فإستراتيجية حارة حريك في السياسة الداخلية تجعلها تتشدد في لحظة المعارك الخارجية ولا تقدم اي تنازل للاطراف الداخلية الذين يحاولون استغلال المعركة كي لا تظهر اي مؤشر ضعف لهم ولأعدائها في الخارج. لكن في المقابل لا يبدو الحزب بعيداً عن اعادة تمتين علاقته بميرنا الشالوحي على اعتبار أن العونيين لا يزالون الطرف المسيحي الوحيد الذي يمكن الوصول معه الى حلول مشتركة.

اما “التيار” الذي ذهب بعيداً في انتقاد الحزب، فتقول مصادره أنه سيحاول في المرحلة المقبلة تهدئة الأجواء السياسية مع حليفه السابق من دون التنازل على الخطاب السياسي المتمايز عنه، حتى في موضوع فتح جبهة الجنوب، اذ من غير الممكن ل”التيار” أن يؤيد علناً دعم غزة عسكرياً أمام الرأي العام المسيحي لان هذا الامر يؤدي الى المزيد من التضرر في شعبيته وحضوره، لذلك لا بدّ من هذا الموقف كي لا يزايد عليه خصومه المسيحيون، من هنا يبدو أن الخلاف الاعلامي سيستمر بين الحليفين من دون ان يتصاعد ويتحول الى خصومة كاملة الأوصاف.

لا يبدو “التيار” مستعجلاً لاعادة المياه الى مجاريها مع حليفه السابق، لكنه في العمق حسم أمره بأن لا مفر من العودة الى التحالف، لان الخيارات الاخرى مغلقة امام التيار ولا تؤدي الى حصوله على مكاسب سياسية، اذ ان التحالف مع الاحزاب المسيحية في حال تم، وهذا مستبعد، وسيؤدي الى حصول تنافس في ما بينهم على الحصص ربما أو حتى على الخطاب السياسي أمام الجمهور، وهذا سيوصل الى مروحة واسعة من المزايدات الاعلامية وتالياً العودة الى دوامة الخلافات التي سيكون باسيل وتياره الخسار الاكبر فيها، لاسباب كثيرة لا مجال لذكرها.

تقول المصادر أن “التيار” سيعود الى قواعده السياسية السابقة بعد انتهاء الحرب، خصوصاً ان التقاطع السياسي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يحمله التيار مسؤولية الخلاف مع الحزب، بات كبيراً وواسعاً في القضايا الداخلية، اذ بدأ باسيل يمهد لإمكانية التفاهم والتحالف مع برّي، وهذا يعني أن العودة الى التحالف المتين مع الحزب لا يعيقه شيء، لا بل ان حاجة “التيار” له كبيراً في الانتخابات النيابية المقبلة وفي التسوية المتوقعة، لذلك فإن الحل بين الحزبين قد يحتاج الى وسطاء وجهود كبيرة..

ترى المصادر أن احدى اهم الثغرات لدى خصوم “حزب الله” أنهم لم يستغلوا الخلاف بينه وبين “التيار” ولم يعطوا الاخير مكاسب سياسية كافية تعوض له خسارته حليفه الاساسي ورافعته الرئيسية في الحياة السياسية اللبنانية، كل ذلك جعل باسيل يدرك أنه لا خيارات فعلية لديه سوى العودة الى حضن الحزب مع الحفاظ، بالشكل، على تمايز في بعض القضايا لقطع الطريق على أي مزايدات يطلقها خصومه في الشارع المسيحي.

 

«
زر الذهاب إلى الأعلى