هل هذا ما تعلمتموه في مدرسة الشرف والتضحية والوفاء؟

Telegram     WhatsApp

لا شك في أن ما يطالب به العسكريون المتقاعدون حقّ مشروع، وهو حقّ لجميع موظفي القطاع العام، الذين تأثرّوا أكثر من غيرهم من فقدان العملة الوطنية قدرتها التنافسية والشرائية. ولكن عندما تتحّول هذه المطالبة إلى نوع من الفوضى غير المبرّرة، وإلى حفلة زجل من السباب وتجاوز أبسط قواعد احترام الذات قبل احترام الآخرين، تضيع قضيتهم المحقّة في زواريب السياسة الضيقة، إذ لا يُستبعد أن يكون بعض رموز هؤلاء العسكريين، وهم كانوا ضباطًا كبارًا ومشهودة لهم بطولاتهم وتضحياتهم في كل ساحات الوغى، مرتبطين ببعض الجهات المتضررة من وقوف الدولة على أرجلها من جديد، وينساقون من حيث يدرون أو لا يدرون في خطّط تخريب المؤسسات التي لا تزال قائمة وصامدة. وتأتي المؤسسة التي حضنت هؤلاء العسكريين من جنود ورتباء وضباط سنوات طويلة في طليعة المؤسسات الصامدة والواقفة في وجه الصعاب والتحدّيات الأمنية والمعيشية.

ما سمعه اللبنانيون من تعابير سوقية ساقها ضابط كبير، موجّهًا اتهامات باطلة للحكومة ولرئيسها وللوزراء، وناعتًا البعض منهم بأنهم “حراميي”، لا يليق بتاريخ هؤلاء الضباط، الذين انتموا في يوم من الأيام إلى مدرسة وطنية علمّت أجيالًا وأجيالًا من الأبطال الشرف والتضحية والوفاء.

فمن سمع من الوزراء ما اتُهموا به عن غير وجه حقّ تفهمّوا غضب العسكريين المتقاعدين، الذين لم يعد يكفيهم ما يتقاضونه من معاش تقاعدي ومستحقات لسدّ حاجاتهم اليومية الضرورية، ولكن لسان حالهم “أن العين بصيرة ولكن اليد قصيرة”، وذلك انطلاقًا من نظرة واقعية إلى خزينة الدولة ووضعية البلاد الاقتصادية، إذ لا همّ لرئيس الحكومة وأعضائها سوى همّ واحد، وهو العمل لتقليل أضرار الأزمة المالية التي تجتاح البلاد، ولتوفير ما يكفي من مداخيل لتأمين الحدّ الأدنى من استمرارية مطلوبة للمؤسسات العامة، التي تعاني شأنها شأن جميع اللبنانيين المتضررين من سياسات خاطئة ومتراكمة أدّت إلى ما أدّت إليه من انهيار للعملة الوطنية.

فلجميع الوزراء الحاليين أقارب ينتمون إلى الأسلاك العسكرية، وبالتالي فإن التعاطي مع قضيتهم هو تعاطٍ عاطفي قبل أن يكون تعاطفًا وطنيًا، ولكن بين الرغبات والتمنيات والواقع فرقًا شاسعًا. فليس أسهل على الحكومة من أن تتخذ قرارات شعبوية غير قابلة للتطبيق، وليس أسهل على أعضائها من أن يزايدوا على المزايدين. وهذا ما يميّز من يرى الأمور بعين العقل ومن يجرّ البلاد إلى المزيد من المهالك.

فالوقوف الطبيعي إلى جانب العسكريين المتقاعدين وغيرهم من موظفي الإدارات العامة يكون بتحقيق ما هو ممكن وميسّر ومعقول والابتعاد عن المواقف الشعبوية والمزايدات الرخيصة، وفصل الارتباط المصلحي بين بعض المستفيدين الظرفيين ومشغّليهم لغايات لم تعد خافية على أحد.

ليس بهذه الطريقة يمكن تحقيق المطالب، وليس بالسباب والشتائم وقلّة الأخلاق تُعالج الأمور، وليس بـ “البهورة” والصراخ والتهديد والوعيد يمكن الوصول إلى النتائج المرجوة. 

فالمعالجة يُفترض أن تكون علمية ووفق دراسات دقيقة وواضحة عن حركة المداخيل والمصاريف، وذلك لكي لا تقع الوزارات المعنية في لعبة الأرقام الوهمية وغير الحسابية.

الشتائم ليست من شيم الرجال الذين انتموا في يوم من الأيام إلى مدرسة في الوطنية والأخلاق، على عكس ما كان يُقال أمام السرايا الحكومية، وهو كلام لا يليق بتاريخ الذين تفوهوا به أيًّا يكن مستوى الغضب لديهم.   

[previous_post_link]


يحدث الآن

17:45
ترامب: أفكّر في السفر الى تركيا الخميس للمباحثات الروسية الأوكرانية
17:41
ترامب: نفكر في تخفيف العقوبات عن سوريا
17:35
في إشكال وقع في بلدة دبعل ـ الضنية، تطور إلى عراك وتضارب تبعه إطلاق نار ، واصيب ٣ اشخاص بسبب خلافات على خلفية إنتخابية نتيجة التنافس على منصب المختار في البلدة.
17:13
ترامب : زيارتي إلى الشرق الأوسط ستكون تاريخية
17:05
ترامب يقول إنه حال دون وقوع حرب “نووية” بين الهند وباكستان
16:59
نتنياهو: أوعزت بإرسال بعثة تفاوض إلى الدوحة غدًا وأوضحت أن المفاوضات ستُجرى فقط تحت النار
16:55
إذاعة الجيش الإسرائيلي: مروحية عسكرية تنقل عائلة الأسير عيدان أقلعت من مطار بن غوريون باتجاه قاعدة ريعيم
16:11
ماكينة تيار الكرامة في طرابلس تشير إلى تقدّم لائحة رؤية طرابلس بفارق كبير عن اللوائح الاخرى وأبرزها لائحة نسيج طرابلس وحراس المدينة بمعدّل ١٤ رؤية و٩ نسيج و١ حراس كما تشير إلى تقدّم لائحة الميناء منارة على الميناء أولا بفارق ٧ مقاعد لتصبح النتيحة الاولية ١٤ منارة ٧ الميناء أولا
15:07
نقلا عن وثيقة للاتحاد الأوروبي “رويترز” : الوضع الأمني في سوريا قد يؤدي إلى عودة ظهور الجماعات الجهادية مع احتمال انتقالها إلى أوروبا
14:51
غادر الرئيس عون الكويت مختتماً زيارة رسمية استمرت يومين، أجرى فيها محادثات مع أمير البلاد

حمل تطبيق الهاتف المحمول