بعد إنهاء العمليات الرئيسية.. كيف ستكون المرحلة الجديدة بحرب غزة؟
الجيش الإسرائيلي قال إنه فكك القدرات العسكرية لحماس في شمال القطاع، ويركز الآن على فعل الشيء ذاته في الأجزاء الوسطى والجنوبية منه، حيث قال إنه يخطط لاتخاذ نهج مختلف لتدمير الحركة.
الأدميرال دانييل هاغاري، المتحدث العسكري، قال السبت في إفادته اليومية، إنه لايزال هناك بعض مسلحي حماس في شمال غزة، لكنهم لم يعودوا يعملون تحت قيادة عسكرية منظمة، وحجم الضرر الذي يمكن أن يلحقوه بات محدودا.
وأفاد بأن القوات “ستواصل تعميق الإنجاز” هناك وتعزيز الدفاعات على طول السياج الحدودي بين إسرائيل وقطاع غزة، والتركيز على الأجزاء الوسطى والجنوبية من القطاع.
وكان مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وبينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، حثوا إسرائيل مرارا على إنهاء هجومها الجوي والبري على غزة، والتحول إلى هجمات أكثر استهدافا على قادة حماس لمنع إلحاق الضرر بالمدنيين الفلسطينيين.
وفي الأسابيع الأخيرة، قلصت إسرائيل بالفعل هجومها العسكري في شمال غزة، وواصلت هجومها في جنوب القطاع، وفق رويترز.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، مجددا، على أن الحرب لن تنتهي حتى تتحقق أهداف القضاء على حماس، وإعادة الرهائن الإسرائيليين، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل مرة أخرى.
وقال لحكومته “أقول هذا لأعدائنا وأصدقائنا على حد سواء، هذه مسؤوليتنا وهذا واجبنا جميعا”.
عمليات مستمرة في الوسط والجنوب
ومع التركيز على الوسط والجنوب، أسفرت غارة جوية إسرائيلية بالقرب من مدينة رفح الجنوبية عن مقتل صحفيين، الأحد، من بينهما حمزة الدحدوح، الابن الأكبر لوائل الدحدوح، كبير مراسلي الجزيرة في غزة.
واستقبل مسؤولون في مستشفى ناصر بخان يونس، الأحد، جثث 18 شخصا، بينهم 12 طفلا، قتلوا في غارة إسرائيلية مساء السبت، وفق الوكالة ذاتها.
وقالت كارولينا لوبيز، منسقة الطوارئ بالمجموعة هناك، إن رصاصة اخترقت جدار وحدة العناية المركزة بالمستشفى الجمعة. وأضافت أن المستشفى استقبل ما بين 150 و200 جريح يوميا في الأسابيع الأخيرة.
وتوغلت القوات الإسرائيلية بشكل أعمق في مدينة دير البلح بوسط غزة، حيث تم تحذير السكان في أحياء عدة بضرورة الإخلاء.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود إنها أجلت طاقمها الطبي من مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.
مرحلة جديدة
وتقول صحيفة فاينانشال تايمز إنه بينما استمرت التقارير عن وقوع غارات جوية مكثفة ومعارك برية في مدينة خان يونس ومخيمات اللاجئين في وسط القطاع، يرى المحللون العسكريون بوضوح أن إسرائيل قد انتقلت بالفعل إلى مرحلة عمليات أقل كثافة، على الأقل في شمال غزة.
وهذه المرحلة، وفقا لمخططي الحرب الإسرائيليين والمسؤولين الأميركيين، تتضمن عمليات أكثر استهدافا تقوم بها قوات أصغر حجما في الجيش الإسرائيلي، في محاولة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وقتل أكثر من 22 ألف فلسطيني وأصيب أكثر من 58 ألفا في القصف الإسرائيلي والهجوم البري في غزة حتى الآن، وفقا لمسؤولي الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس.ويقول مسؤولو الصحة هناك إن حوالي ثلثي القتلى من النساء والأطفال.
وتلقي إسرائيل باللوم على حماس في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين لأنها تعمل في مناطق سكنية مكتظة بالسكان.
وفي المقابل، قتل ما لا يقل عن 1200 في إسرائيل، وتم احتجاز 240 رهينة، خلال الهجوم الذي شنته حماس عبر الحدود في 7 تشرين الأول.
وتقول فاينانشال تايمز إن القادة الإسرائيليين ظلوا طوال الفترة الماضية ينصحون شعبهم والمجتمع الدولي بالصبر وهم يسعون إلى تحقيق هدفهم المعلن المتمثل في تفكيك حماس كقوة عسكرية وحاكمة في غزة، وإعادة أكثر من 130 رهينة متبقين تحتجزهم الجماعة المسلحة بأمان.
وقالوا أيضا إنهم سيواصلون التصدي لقوات حزب الله في الحدود الشمالية لتسهيل عودة 80 ألف مواطن إسرائيلي نزحوا من منازلهم بسبب المعارك.
ووفق تايمز أوف إسرائيل، تشير تصريحات المتحدث باسم الجيش إلى طريقة لإدارة الحرب في الفترة المقبلة، إذ قال في مؤتمره الصحفي، إنه لايزال من الممكن اندلاع معارك وإطلاق صواريخ متفرقة في شمال غزة، لكن البنية التحتية للحركة باتت معطلة ولم تعد قادرة على تنفيذ هجمات واسعة النطاق.
وأشار المتحدث إلى أن البلدات وسط غزة “كثيفة ومليئة بالإرهابيين”، في حين أن خان يونس في الجنوب بها “مدينة تحت الأرض مليئة بالأنفاق المتفرعة”.
وقال: “لا توجد طرق مختصرة عندما يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب. لقد هاجمنا وسنواصل الهجوم ونواصل تعميق الإنجاز في هذه المجالات، لكن الأمر يحتاج إلى وقت… القتال سيستمر طوال عام 2024. نحن نعمل وفق خطة لتحقيق أهداف الحرب: تفكيك حماس في الوسط والجنوب، ومواصلة كافة الجهود الاستخباراتية والعملياتية والضغط العسكري لإعادة الرهائن”.
ويعتقد الجيش أن قيادة حماس، بما في ذلك يحيى السنوار، يختبئون تحت الأرض في جنوب قطاع غزة.
ونشر الجيش أيضا لقطات جديدة لوحدة قوات خاصة تعمل في جنوب القطاع، قال إنها داهمت منزل قائد كتيبة شرق خان يونس التابعة لحماس في بلدة بني سهيلا، واشتبكت مع مسلحين في مدرسة.
وشهد السبت أيضا إعلان الجيش الإسرائيلي والشاباك عن مقتل قائد كتيبة النصيرات التابعة لحماس في وسط غزة، إسماعيل السراج، ونائبه أحمد وهبة، في غارة جوية في القطاع. وكانت الكتيبة مسؤولة عن الهجمات على كيبوتس بئيري وفي بلدات حدودية أخرى على الحدود مع غزة، في 7 تشرين الأول.
وقال المتحدث العسكري أيضا إن الجيش الإسرائيلي يقوم ببناء دفاعات جديدة على طول حدود غزة للسماح للسكان الذين نزحوا منذ 7 تشرين الأول بالعودة إلى منازلهم.
هل تتحقق الأهداف؟
ويرى بلال صعب، الزميل المشارك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، أنه من الصعب على إسرائيل القضاء على حماس، “الحركة العسكرية السياسية المتجذرة”، وفق تصريحاته لشبكة “سي أن أن”.
وقال صعب إن قيادة الجيش الإسرائيلي تدرك جيدا أن “أقصى ما يمكنها فعله هو إضعاف القدرات العسكرية لحماس بشدة”.
واعتبر أن إسرائيل حققت بعض النجاحات في هذا الصدد، وقال الجيش إنه قتل الآلاف من مقاتلي حماس، وعددا من قادتها، وفكك بعض أجزاء من شبكة الأنفاق الواسعة التابعة للحركة تحت القطاع.
لكن “التحديات لاتزال قائمة، ونهاية اللعبة بعيدة عن الأفق، وعدد قليل من البلدان في حالة حرب تحدد مواعيد نهائية”، وفق الشبكة الأميركية.
وتقول “سي أن أن” إنه في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى الهجمات، كرر نتانياهو أهدافه: “القضاء على حماس، وإعادة رهائننا والتأكد من أن غزة لن تشكل بعد الآن تهديدا لإسرائيل”.
لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كانت قيادة الجيش الإسرائيلي تضع القضاء على حماس، المدرجة على قوائم الإرهاب بدول عدة، على رأس أولوياتها، فقد أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن أهارون هاليفا، رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، لم يتطرق إلى مسألة تدمير حماس عندما تحدث عن الأهداف العسكرية في خطاب ألقاه الخميس، حسب “سي أن أن”.
والخميس أيضا، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، عن خطط للمرحلة التالية من الحرب في غزة، مشددا على نهج قتالي جديد في الشمال والتركيز المستمر على استهداف قادة حماس المشتبه في تواجدهم في جنوب القطاع.
وفي المرحلة الثالثة، ستشمل عمليات الجيش الإسرائيلي في شمال غزة “غارات، وتدمير أنفاق الإرهاب، وأنشطة جوية وبرية، وعمليات خاصة”، بحسب غالانت.
وقال يوهانان بليسنر، رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، عضو الكنيست السابق عن حزب كاديما: لشبكة “سي أن أن”: ستكون هذه المرحلة أقل حدة، لكنها ستستغرق المزيد من الوقت”.
وإذا كان الهدف الأكثر واقعية يتلخص في التقليص الشديد لقدرات حماس القتالية، فإن العديد من المحللين يقولون إنه تم إحراز تقدم ملموس في الأشهر الثلاثة الماضية.
ويرى بليسنر أن “تعريف النجاح لن يكون اعتقال جميع نشطاء حماس أو قتلهم، بل ضمان عدم قدرة حماس على حكم قطاع غزة بشكل فعال. حماس منظمة مثل الجيش، مع مراكز قيادة وسيطرة وأفواج وألوية. إن هيكل القيادة هذا يتعرض لتحديات خطيرة ويتم تفكيكه”.
وجاء الإعلان الإسرائيلي الأخير قبيل زيارة بلينكن إلى إسرائيل.
ويدعو بلينكن في مستهل جولته الرابعة للمنطقة منذ اندلاع الصراع إلى تقليص القتال وتسهيل وصول المساعدات.
ولا تزال إدارة بايدن ونتانياهو متباعدتين بشأن الجهة التي يتعين عليها إدارة غزة بعد الحرب. ويرفض نتانياهو الفكرة التي طرحتها واشنطن بشأن وجود سلطة فلسطينية تدير غزة في نهاية المطاف.
سعر صرف الدولار في لبنان اليوم لحظة بلحظة
بن سلمان يستقبل غراهام في العلا