هل أصبحت الحرب بين إسرائيل وسوريا قريبة؟


راشيل علوان – نداء الوطن

ما بين هتافات الجنود السوريين دعمًا لغزة خلال الاحتفالات بالذكرى الأولى لسقوط الأسد، وتلويح تل أبيب بحرب وشيكة مع دمشق، يترنح الاتفاق الأمني المنتظر بين سوريا وإسرائيل. ارتفع منسوب التصعيد اللفظي الإسرائيلي الذي يلوّح بحرب حتمية مع سوريا والاستعداد لسيناريو 7 أكتوبر آخر، عبر تغريدة لوزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي. تغريدة تفتح الباب أمام احتمال توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب سوريا، التي لم تتوقف أصلًا، ما يجعل الحديث عن قرب التوصّل إلى أي اتفاق أمني يبدو هشًا. هذا يعني أن الجنوب السوري بات مسرحًا مفتوحًا لسيناريوات عدة، وورقة ضغط كبيرة يتجاذبها السوري والإسرائيلي معًا.

أمام حسابات إسرائيل الأمنية ورفض سوريا الواضح لأيّ تقسيم أمني ينتزع الجنوب من سيادتها، يشهد الجنوب السوري اليوم مرحلة توتر مفتوح، إذ إن هذا التصعيد اللفظي الإسرائيلي لم يأت من عبث، فربّما هو تهديد أو رسالة تعطي مبرّرًا لتعزيز الهجمات أو التحرّكات العسكرية، خصوصًا إذا رأت إسرائيل أن مصالحها الأمنية مهدّدة. فهل بات الانفجار الكبير أقرب من أي اتفاق أمني؟

هناك مجموعة من التعقيدات البنيوية والسياسية والعسكرية التي تجعل التوصّل إلى اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل أمرًا بالغ الصعوبة في الوقت الحالي، أوّلها غياب الثقة الاستراتيجية بين الطرفين، إذ تعتبر إسرائيل أي وجود عسكري سوري قرب الجولان يمثل تهديدًا وجوديًا. في المقابل، ترى سوريا أن إسرائيل قوّة محتلّة للجولان وأن أي اتفاق معها يجب أن يرتكز على استعادة الأراضي، وهو شرط لا تقبل إسرائيل التفاوض في شأنه حاليًا.

تبرز أيضًا التعقيدات الداخلية التي تواجهها القيادة السورية وتجعل تقديم تنازلات أمنية لإسرائيل أمرًا حسّاسًا جدًا، سواء سياسيًا أو شعبيًا، فأي اتفاق قد يُنظر إليه على أنه “تطبيع مجاني” من دون استعادة الجولان، وهو ما قد يضعف شرعية النظام داخليًا. أضف إلى هذه العوامل، الغارات والتوغلات الإسرائيلية المتكرّرة في مناطق بالجنوب السوري، والتي تبقي الجوّ العام في حالة “اشتباك منخفض الوتيرة”. فهذه الضربات تعيق بحدّ ذاتها أي مفاوضات، لأنها تظهر أن إسرائيل تعتمد القوّة بدل التفاهم، فيما تحتاج الاتفاقات الأمنية إلى هدنة ميدانية كشرط أساس، الأمر غير متوفر حاليًا.

أمّا المصالح الإقليمية والدولية، فيدخل بعضها في صلب التعقيدات التي تؤخر إبرام الاتفاق الأمني، في حين يساهم البعض الآخر في إيجاد أرضية مشتركة. تعتبر الولايات المتحدة لاعبًا أساسيًا في معادلات المنطقة، وهي الراعي الأساس للمحادثات الجارية بين تل أبيب ودمشق. لكن أي كفة سترجّح واشنطن في هذه المعادلة، كفة حليفتها إسرائيل أم كفة السلام وإنهاء النزاعات في المنطقة؟

لذلك، فإن التعقيدات التي تمنع التوصّل إلى اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل هيكلية، ولا شكّ أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين عن “حتمية الحرب” تعيق أي مسار تفاوضيّ، ما يُغذي دائرة التوتر بدل التهدئة. فهل يمهّد التلويح الإسرائيلي فعلًا لحرب جديدة، ما يشكّل ضغطًا تحت النار على دمشق لتقديم تنازلات في المفاوضات السياسية؟