نقطة ضعف واحدة تهدد العالم.. عندما تصبح البرمجيات سلاحًا أخطر من القنابل!

لبنان اليوم

مع الاعتماد المتزايد على الأنظمة الذكية في شتى مناحي الحياة، بدءًا من الطائرات المسيرة وصولًا إلى السيارات ذاتية القيادة وإدارة البنية التحتية الحيوية، لم يعد الخلل البرمجي مجرد عارضًا تقنيًا بسيطًا، بل أصبح خطرًا داهمًا يهدد الأمن القومي وسلامة الأفراد.

يثير هذا التطور سؤالًا ملحًا: كيف يمكن لـ”ثغرة واحدة” أن تتسبب بكارثة شاملة؟ وما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها لتأمين الأنظمة الذكية في المستقبل؟

في هذا السياق، يؤكد الدكتور محمد محسن رمضان، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في مركز العرب للأبحاث والدراسات، أن الشفرة البرمجية هي عصب الحياة في العصر الحديث، وأن الخطأ البرمجي يشكل “تهديداً مباشراً” يمكن أن يؤدي إلى “تعطيل مدن كاملة أو التلاعب بأنظمة حساسة أو التسبب بخسائر بشرية فادحة”.

ويوضح أن الأنظمة الذكية، على الرغم من دقتها، ليست بمنأى عن الأخطاء، فكلما ازداد حجم البرامج وتعقيدها، زادت احتمالية ظهور الثغرات الأمنية. وتشير تقارير عالمية إلى أن حوالي 90% من الأنظمة الحديثة تحتوي على ثغرات قد تظل كامنة لسنوات قبل اكتشافها. ويضيف أن أنظمة توجيه الطائرات والطيار الآلي تعتمد على برامج معقدة، وأن أي خطأ بسيط يمكن أن يتسبب في فقدان السيطرة، كما حدث في حوادث دولية سابقة نتيجة لعيوب برمجية، حيث يمكن لعطل غير متوقع أن يتحول إلى خطر حقيقي على سلامة الرحلة.

وفيما يتعلق بالسيارات ذاتية القيادة، يشير رمضان إلى أن بعض الحوادث نتجت عن قراءة غير دقيقة للحساسات أو عن ثغرات تسمح للمخترقين بالتحكم في السيارة عن بُعد، بما في ذلك المكابح، مما يجعل أي سيارة عرضة للهجوم إذا لم تكن محمية بشكل كاف. ويضيف أن الأخطاء البرمجية في محطات الطاقة، وشبكات الاتصالات، أو في الأجهزة الطبية مثل أجهزة التنفس ومضخات الأدوية، يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة ومهددة للحياة.

من جهته، يرى اللواء طارق عطية، مساعد أول وزير الداخلية المصري لقطاع الإعلام والعلاقات الأسبق، أن الثغرة هي “نقطة الضعف” التي يستغلها المهاجمون لاختراق أنظمة الحماية والتسبب في أضرار مادية، مشيرًا إلى أن بعض الثغرات تُباع في السوق السوداء بأسعار تصل إلى ملايين الدولارات.

ويحدد عطية ستة إجراءات أساسية للحماية والوقاية: العزل الفوري للأنظمة المتضررة، وتحليل الأثر التقني وتحديد نطاق المشكلة، وإبلاغ الجهات المختصة والفرق الفنية، وإصدار تحديث عاجل وإشعار المستخدمين، بالإضافة إلى توثيق الحادثة لضمان عدم تكرارها في المستقبل.

ويختتم بالتأكيد على أن التصدي للأخطاء البرمجية والثغرات لم يعد مجرد خيار ثانوي، بل هو ضرورة حتمية لحماية الأرواح وضمان استقرار الدول في عصر أصبحت فيه البرمجة أشد فتكًا من الأسلحة التقليدية.