الذكاء الاصطناعي يتصدى لـ "القاتل الصامت": بارقة أمل في علاج سرطان البنكرياس

لبنان اليوم

يُعتبر سرطان البنكرياس من أخطر أنواع السرطانات على مستوى العالم، وغالباً ما يُطلق عليه لقب “القاتل الصامت” لأنه لا يُظهر أعراضاً واضحة في المراحل الأولى من المرض. وعندما تبدأ الأعراض بالظهور، تكون في الغالب أعراضاً عامة وغير محددة مثل الشعور باضطرابات في المعدة، أو فقدان الشهية، أو نقص الوزن بشكل غير مبرر، وهو ما يؤدي إلى تأخر التشخيص وبالتالي محدودية فرص العلاج، حيث لا يبقى على قيد الحياة بعد خمس سنوات من التشخيص سوى مريض واحد من بين كل عشرة مرضى.

تكمن خطورة هذا المرض أيضاً في صعوبة اكتشافه عن طريق الفحوصات، حيث يصعب رصد الأورام الصغيرة حتى باستخدام التصوير المقطعي، وذلك بسبب موقع البنكرياس العميق داخل الجسم. وعلى الرغم من خبرة أخصائيي الأشعة، قد لا يتمكنون من ملاحظة الأورام الصغيرة أو غير النمطية، وهو ما دفع فريقاً من الباحثين إلى محاولة استكشاف إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة الكشف المبكر عن هذا السرطان.

قام الفريق، بقيادة خبير الذكاء الاصطناعي هينكجان هويسمان وأخصائي الأشعة جون هيرمانز، بإعداد مجموعة سرية عالية الجودة من صور المسح المقطعي لحوالي 400 مريض، وخضعت هذه الصور لمراجعة دقيقة من قبل خبراء دوليين. بعد ذلك، تمت دعوة مطورين من جميع أنحاء العالم لتقديم نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على اكتشاف سرطان البنكرياس في هذه الصور، وشارك في هذا التحدي أكثر من 250 نموذجاً، وتمت مقارنة نتائجها بأداء أخصائيي الأشعة.

أظهرت النتائج أن أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي كانت أكثر دقة من متوسط أداء الأطباء، حيث نجحت في تحديد السرطان بشكل صحيح في 92% من المسوحات، بينما بلغت نسبة النجاح لدى متوسط أخصائيي الأشعة 88%، مع ملاحظة انخفاض في الإنذارات الكاذبة بنسبة 38%. ويُنظر إلى هذه النماذج على أنها “عين ثانية” داعمة للأطباء، تساعدهم على تقليل الأخطاء الناتجة عن ضغط العمل اليومي، وليست بديلاً عنهم.

يتوقع الباحثون أن تساهم هذه التقنيات في الكشف عن سرطان البنكرياس في مراحل مبكرة، مما يزيد من فرص نجاح الجراحة والعلاجات الأخرى. إلا أنهم في الوقت نفسه يؤكدون على ضرورة توخي الحذر، لأن النتائج الإيجابية الكاذبة قد تثير قلق المرضى وتزيد الضغط على أنظمة الصحة. لذلك، يستمر العمل على تدريب النماذج واختبارها قبل إدخالها للاستخدام السريري على نطاق واسع.

في الختام، لا يقدم الذكاء الاصطناعي حلاً سحرياً، ولكنه يفتح باباً للأمل في مجال لطالما كان يكتنفه الغموض؛ فكل تحسن في دقة الكشف المبكر عن سرطان البنكرياس يمكن أن يحدث فرقاً حقيقياً في حياة المرضى.