وبحسب ما أوردته الصحيفة، فإن الشبكة تضم أئمة ودعاة مرتبطين بالجماعة، ويواجهون اتهامات باختلاس أموال دافعي الضرائب من خلال منظومة المدارس الخاصة، حيث تجاوزت قيمة الأموال المسروقة 100 مليون دولار. ومن بين المتورطين عضو سابق في البرلمان السويدي من أصل صومالي، يشتبه في قيامه بتحويل ملايين الدولارات بشكل غير قانوني لتمويل نوادٍ ليلية في تايلاند ودعم حزبه الإسلامي في الصومال. بالإضافة إلى ذلك، تورط مالك مدرسة قام بتحويل ملايين إلى مالطا قبل مغادرته السويد، إلى جانب عناصر أخرى تنتمي إلى الجماعة.
كما كشف التحقيق السويدي عن مؤسسات تعليمية واقتصادية كانت تستخدم في جمع الأموال وتحويلها إلى حسابات التنظيم، ومن بينها روضة “لير أوخلك” التي تلقت ملايين الدولارات، وحُوّل جزء كبير منها إلى جمعية أندلس التابعة للإخوان، ومنها إلى اتحاد المسلمين السويدي المصنف ككيان متطرف. وكان يدير الروضة عنصران ينتميان إلى الجماعة، ويقومان بتغطية نشاط التحويلات تحت ستار “غير ربحي”.
وتشير المعطيات إلى أن استخدام الإخوان للمدارس والروضات كأذرع مالية ليس بالأمر الجديد، بل يعود إلى عهد المؤسس حسن البنا. فبحسب مصدر أمني مصري لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”، استغلت الجماعة في الثلاثينيات والأربعينيات الأوضاع الاجتماعية للمصريين، وقامت بجمع التبرعات بزعم مساعدة الفقراء، ثم استخدمتها في إنشاء مدارس خاصة. وكانت أول مدرسة للجماعة في محافظة الإسماعيلية، مقر إقامة البنا. وفي العام 1946، أسس البنا لجنة لإنشاء سلسلة مدارس أصبحت لاحقًا ذراعًا مالية كبرى للتنظيم.
ويؤكد المصدر الأمني أن 120 مدرسة إخوانية صودرت عام 2013 بقرار من لجنة التحفظ على أموال التنظيم، بعدما ثبت تورطها في تمويل أنشطة الجماعة عبر قسمي التربية والأشبال، وأن أرباحها كانت تذهب إلى خزينة التنظيم على الرغم من تسجيلها بأسماء قيادات وعائلاتهم.
ولا تقتصر الأذرع المالية للجماعة على المدارس والجمعيات، بل تمتد إلى استغلال الكوارث والحروب، من أفغانستان إلى البوسنة وصولًا إلى غزة. ففي فبراير الماضي، أعدت الجماعة خطة تفصيلية بقيمة 132 مليون دولار للمشاركة في إعادة إعمار غزة، وفق وثيقة من 98 صفحة حصلت عليها “العربية.نت” و”الحدث.نت”. وتتضمن الخطة تجهيز معدات لإزالة الركام وفتح الطرق وتأمين عودة النازحين، عبر هيئات تابعة للجماعة في فلسطين.
ويكشف اللواء أحمد عليوة، القيادي السابق في الأمن الوطني بسيناء، عن فضيحة مالية كبرى حديثة تتعلق بأموال “وقف الأمة” في فلسطين، حيث جرى سرقة التبرعات وتحويلها إلى استثمارات خاصة وشراء شقق فندقية في أوروبا، مؤكدًا أن المتورطين عناصر إخوانية تعمل ضمن هيئات تجمع التبرعات للقطاع في أوروبا.
من جهته، يوضح اللواء عادل عزب، مسؤول الملف الإخواني السابق في الأمن الوطني المصري، أن المال في عرف الجماعة لم يكن يومًا مجرد أداة للإغاثة، بل وسيلة لنفوذ سياسي تتخفى خلف العمل الخيري. ويشير إلى أن جذور ما يحدث اليوم في غزة تعود إلى أفغانستان، حيث جمع الإخوان في الثمانينيات ملايين الدولارات باسم “دعم المجاهدين”، ثم خرجوا بخبرة مالية وشبكات تبرع إقليمية تحولت لاحقًا إلى مصادر تمويل ثابتة.
ويسترجع اللواء عزب القضية 404 أمن دولة عليا (2009)، التي كشفت عن تحويلات مالية ضخمة جُمعت باسم دعم غزة، ثم دخلت مصر عبر حسابات مرتبطة بعناصر إخوانية. ووفقًا للتحقيقات، بلغت التبرعات 2.7 مليون يورو جُمعت في أوروبا عقب عدوان 2008، وضُبط ما يقرب من 2.8 مليون يورو داخل مصر في حسابات شخصية، وليست حسابات جمعيات إغاثية.
وضُبطت في القضية وثيقة بعنوان “وثيقة المرشد العام.. حين يصبح مال غزة ملكية تنظيمية” موقّعة من محمد مهدي عاكف، تنص على عدم التصرف بأموال التبرعات قبل الرجوع إلى مكتب الإرشاد. ويشير عزب إلى أن الهدف لم يكن الإغاثة، بل التحكم في القرار المالي وتحويله لاحقًا إلى نفوذ سياسي.
ولضمان السيطرة على الأموال، أنشأ التنظيم قسم فلسطين داخل هيكله، بإشراف خيرت الشاطر، وكانت مهمته تنظيم العلاقات مع شبكات التمويل وتوجيه مسارات المال تحت ستار دعم الفلسطينيين.
ويضيف اللواء عزب أن القضية بالنسبة للإخوان لم تعد “جهادًا” أو “تبرعات”، بل أصبحت أموال إعمار، قائلاً إن مصر تدرك أن الإعمار ليس مجرد إعادة بناء، بل تحديد من يملك مفاتيح المستقبل داخل غزة. ولذلك جاء التحذير المصري بأن الإعمار يجب أن يكون شفافًا ومراقبًا وبعيدًا عن أي توظيف سياسي تنظيمي.
ويختتم بأن الخطر الحقيقي على غزة اليوم ليس ما دمرته الحرب، بل ما قد يُبنى فوق الأنقاض إذا تُرك المال بلا رقابة.
