كما دعا القيادي في «الحرس الثوري» وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، حزب الله إلى إعادة النظر في سياسة الصبر الاستراتيجي، معتبرًا أن اغتيال قادة المقاومة «لا يزعزع الجبهة، بل يخلق موجة جديدة من التحاق المقاتلين». ووصف العملية الإسرائيلية في بيروت بأنها «عمل إرهابي»، متهمًا إسرائيل بـ«استغلال وقف إطلاق النار وضبط النفس الذي تبديه المقاومة».
وأوضح رضائي أن «مجموعات أكبر التحقت اليوم بالمقاومة، وحزب الله يدير الميدان بصبر وضبط نفس استراتيجي»، ولكنه رأى أنّ هذا النهج «تجب إعادة النظر فيه». ونقلت وكالة «فارس» عنه قوله إن إسرائيل «توهم نفسها بأن الاغتيالات ستجبر الشعوب على الاستسلام، لكنها مخطئة؛ فكل عملية تُقربها من نهاية عمرها».
وأضاف أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تواجهان «ظاهرة غير مسبوقة» نتيجة صمود غزة ولبنان، مشيرًا إلى أنّ «المعادلات العالمية تبدّلت». وأعاد التذكير بحرب الـ12 يومًا في حزيران، التي شهدت ضربات أميركية لمنشآت تخصيب اليورانيوم وهجومًا إسرائيليًا على مقرات «الحرس الثوري»، قبل أن تردّ إيران بصواريخ وطائرات مسيّرة. وأكد أن واشنطن وتل أبيب «استخدمتا كل قوتهما لكنهما لم تصمدا أكثر من 12 يومًا».
واعتبر رضائي أنّ غياب المقاومة كان سيعرّض إيران لخطر كبير، كما حدث في الحربين العالميتين، مشيرًا إلى أن «مذهب المقاومة منح الشعب الإيراني قوته». وألقى رضائي كلمته في مدينة كرمان قرب قبر قاسم سليماني، خلال مشاركته في مراسم تشييع رفات جنود مجهولين.
وفي السياق نفسه، وصف علي لاريجاني الطبطبائي بأنه «أحد أبرز قادة الحزب»، وكتب على منصة «إكس» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «يواصل مغامراته»، معتبرًا أن هذا المسار «سيقود إلى قناعة بأن المواجهة أصبحت الخيار المتاح». وجاءت تصريحاته قبل توجهه إلى باكستان، حيث أشاد بموقف الشعب الباكستاني خلال حرب الـ12 يومًا.
من جانبه، صرح علي شمخاني، عضو لجنة الدفاع العليا ومستشار المرشد علي خامنئي، أن «استمرار جرائم تل أبيب لن يبني مستقبلًا آمنًا للصهاينة، بل يجعل مسار المقاومة أكثر إشراقًا»، معتبرًا أن «الكيان الصهيوني لا يفهم إلا لغة المقاومة».
في الوقت نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أنها «تدين بشدة» الاغتيال، الذي أودى أيضًا بحياة أربعة عناصر آخرين من «حزب الله»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». ويُعدّ الطبطبائي أبرز قيادي في الحزب يُقتل منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ قبل نحو عام، على الرغم من استمرار إسرائيل في غاراتها على لبنان.
كان حزب الله قد خرج منهكًا من الحرب الأخيرة مع إسرائيل، ومما زاد الوضع تعقيدًا سقوط حليفه الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في كانون الأول. وأكدت الخارجية الإيرانية أن اغتيال الطبطبائي «يشكّل انتهاكًا صارخًا لوقف إطلاق النار المُبرم في تشرين الثاني 2024، واعتداءً على السيادة اللبنانية».
وتولّى الطبطبائي القيادة العسكرية لحزب الله بعد مقتل أبرز أركانها في الحرب الأخيرة. ولم يكن معروفًا على نطاق واسع بين اللبنانيين. وذكرت واشنطن أنه تولّى مهام في سوريا لدعم قوات بشار الأسد حتى سقوطه نهاية 2024. وأفاد مصدر مقرّب من الحزب بأنه كان «مسؤولًا عن ملف اليمن» ومرتبطًا بدعم الحوثيين.
وتزامنت التطورات اللبنانية مع حالة ترقّب في طهران بعد تحذيرات وزير الاستخبارات إسماعيل خطيب من «محاولات لاستهداف المرشد علي خامنئي وإثارة اضطرابات داخلية». وأشار إلى أن الولايات المتحدة انتقلت من استراتيجية «إسقاط النظام» إلى «احتوائه عبر الضغط»، لافتًا إلى توسّع الوجود العسكري الأميركي وقوات «الناتو» في المنطقة.
ولوحظ تراجع ظهور خامنئي (86 عامًا) مؤخرًا بالتوازي مع تهديدات إسرائيلية باستهدافه، الأمر الذي أثار تكهّنات داخل الإعلام الإيراني حول ترتيبات منصب القيادة العليا. واتهم خطيب أطرافًا داخلية بـ«زيادة السخط» و«مجاراة الخصوم» وسط الضغوط الاقتصادية.
وتأتي هذه التطورات بعد تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي قال إنه «خشي اغتيال المرشد أثناء الحرب»، معتبرًا أنّ ذلك كان سيؤدي إلى «انقسامات داخلية خطيرة».
