لبنان اليوم

:

في صورة مؤلمة تستدعي ذكريات الحرب القاسية، شنّ العدو الإسرائيلي في صباح هذا اليوم، الخميس، سلسلة غارات جوية عنيفة طالت منطقتي الجرمق والمحمودية الواقعتين على الأطراف الشرقية لسهل الميدنة – كفررمان في قضاء النبطية. دوّت الانفجارات بقوة في مدينة النبطية والقرى المحيطة بها، وذلك في وقت كان فيه الناس يمارسون حياتهم اليومية بشكل طبيعي، والمؤسسات والمدارس والمتاجر قد فتحت أبوابها كالمعتاد.

ما حدث اليوم لم يكن في يوم عطلة أو في ساعات الفجر، بل خلال يوم دراسي عادي. وقع الهجوم بينما كان الطلاب في الفصول والطرقات تعج بالمرور. تحوّل المشهد فجأة من يوم دراسي هادئ إلى صدمة جماعية ممزوجة بالخوف والذهول. ارتجف الكبار، فكيف بالصغار؟

ووفق معلومات ، سُجِّلت حالات من الذعر في عدد من المدارس القريبة من مواقع الهجمات، خاصة تلك التي سمعت دوي الانفجارات بشكل مباشر. كان المشهد داخل الفصول صعبًا: أطفال صغار يبكون بحرقة، وآخرون متجمدون من الرعب، بينما سارع المعلمون والإداريون لتهدئتهم قدر الإمكان، محاولين احتواء الصدمة ومنعها من التحول إلى حالة ذعر جماعي.

وعلى الرغم من قوة الهجمات وعنفها، لم تغلق أي من المدارس أبوابها. تركت الإدارات القرار للأهالي، وتدفقت المكالمات على الهواتف الإدارية من أمهات قلقات وآباء يسألون عن الوضع، ولكن كان التوجه واضحًا: من يرغب في مواصلة الدوام فليفعل، ومن يفضل أخذ أبنائه فله الحرية الكاملة دون أي مشكلة.

ومع ذلك، أظهر المشهد مرة أخرى أن أهل الجنوب، على الرغم من الجرح المفتوح، لا ينكسرون. لم تغلق المدارس، ولم تنطفئ أنوار المحال، وظل الناس صامدين على أرضهم. نعم، كان الخوف حاضرًا، والقلق واضحًا، ولكن الحياة لم تتوقف.

ففي جنوب يعيش على خط النار منذ عقود، العدو لا يرحم، ولكن الناس هناك لا يعرفون سوى الصمود.

يبقون واقفين، كلما حاول الرعب أن يسقطهم، ليؤكدوا من جديد أن الحياة أقوى من الحرب، وأن الجنوب — مهما اشتدت عليه الغارات — يبقى حيًّا ما دام فيه من يحب الأرض ويؤمن بها.