أكد مصدران، أحدهما أمني والآخر مسؤول لبناني، أن الجيش قام بتفجير عدد كبير من مخازن الأسلحة التابعة لحزب الله خلال الأسابيع القليلة الماضية، مما أدى إلى استنفاد كميات كبيرة من المتفجرات التي يستخدمها عادة في عمليات الإتلاف.
وذكر المصدران أن الجيش يواصل مهامه التفتيشية بوتيرة متسارعة، مع التركيز بشكل خاص على المناطق الجنوبية القريبة من الحدود، حيث تم اكتشاف تسعة مخابئ أسلحة جديدة خلال شهر أيلول.
وفقاً للمعلومات المتوفرة، يقوم الجيش حالياً بإغلاق المواقع التي يتم اكتشافها مؤقتاً، وذلك ريثما تصل دفعات جديدة من المعدات العسكرية والعبوات الناسفة الأميركية المخصصة لتدميرها.
أوضح مصدر أمني أن الجيش قام بإغلاق عشرات الأنفاق التي كان حزب الله يستخدمها في السابق، مشيراً إلى أن وحدات إضافية من الجنود يتم تجنيدها لتعزيز الانتشار في الجنوب.
أفادت تقارير أمنية ودبلوماسية بأن الجيش يتوقع استكمال مسح الجنوب قبل نهاية العام الجاري، وذلك في إطار المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء كان قد أقرّ في الخامس من أيلول خطة تفصيلية مؤلفة من خمس مراحل، تبدأ من الجنوب ثم تمتد تدريجياً إلى الشمال والشرق، وذلك بهدف حصر السلاح بيد الدولة.
إلا أن مصادر سياسية أكدت أن تنفيذ المراحل التالية يتطلب توافقاً سياسياً واسعاً لتفادي أي توترات أو مواجهات داخلية محتملة.
نقلت “رويترز” عن مصادر لبنانية وأمنية أن الجيش يتجنب التحرك شمالاً وشرقاً في الوقت الراهن، وذلك خشية تأجيج التوتر أو إثارة احتجاجات من مناصري حزب الله.
أوضحت المصادر أن قيادة الجيش تحرص على الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية، خاصة بعد التجارب المريرة التي شهدها لبنان خلال الحرب الأهلية.
في المقابل، أوضح المكتب الإعلامي لحزب الله أن وقف إطلاق النار “يعني أن الجيش مسؤول بالكامل عن المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني”، لكنه شدد على أن أي جهود لنزع السلاح شمال النهر تحتاج إلى توافق سياسي.
وقال مسؤول قريب من الحزب: “الجيش يراهن على الوقت… أما الباقي فيعتمد على التسوية السياسية التي لم تتبلور بعد”.
كشفت مصادر أمنية أن الجيش يعتمد على المعلومات التي تقدمها إسرائيل عبر لجنة المراقبة الدولية “الميكانيزم”، التي تضم ممثلين عن لبنان والولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وقوات “اليونيفيل”.
أوضحت المصادر أن الجيش تلقى منذ أيار الماضي كماً كبيراً من التقارير حول مواقع يُشتبه بوجود أسلحة فيها، لافتةً إلى أنه يحتفظ بالمعدات الصالحة للاستعمال ويدمّر الصواريخ ومنصات الإطلاق.
ترى أوساط أمنية ودبلوماسية أن التحرك نحو الشمال والبقاع الشرقي سيشكّل المرحلة الأصعب، خصوصًا أن تلك المناطق تضم مخازن صواريخ بعيدة المدى.
يعتبر مراقبون أن ما يجري حالياً يشكّل تحوّلًا استثنائياً في المشهد اللبناني، إذ لم يكن متصوراً في السابق أن يقوم الجيش بتفجير مخازن تابعة لحزب الله المدعوم من إيران.
يأتي هذا التحول في أعقاب الضربات القاسية التي تلقاها الحزب خلال المواجهات الأخيرة مع إسرائيل، ما أضعف موقعه العسكري والسياسي، وفتح الباب أمام ضغوط أميركية متزايدة لتطبيق اتفاق وقف النار ونزع السلاح غير الشرعي.
