
لبنان اليوم
موسم الزيتون في الجنوب: تحديات جمة ومعاناة متفاقمة
مما لا شك فيه أن موسم الزيتون الحالي يُعد من بين الأصعب على الإطلاق بالنسبة للمزارعين في الجنوب، وذلك لأسباب عديدة ومتشابكة.
في مقدمة هذه الأسباب يأتي التراجع الحاد في حجم الإنتاج، حيث انخفض إلى الربع فقط، وهي مشكلة عامة يعاني منها جميع مزارعي الزيتون في لبنان.
بالإضافة إلى ذلك، تكبد المزارعون خسائر فادحة في أشجار الزيتون نتيجة الحرب الأخيرة، حيث تشير التقديرات إلى فقدان حوالي 450 ألف شجرة.
كما يواجه المزارعون صعوبة بالغة في الوصول إلى حقولهم، خاصة في القرى الأمامية، بسبب التهديدات المستمرة من العدو الإسرائيلي.
وعلى الرغم من الوعود المتكررة بتقديم الدعم وتثبيت المزارعين في أراضيهم، إلا أن الدعم والتعويضات الرسمية لا تزال غائبة حتى الآن.
وبالإضافة إلى هذه المعاناة الخاصة التي يعيشها مزارعو الزيتون في الجنوب، هناك مجموعة من التحديات المشتركة التي تواجه جميع المزارعين في لبنان.
من أبرز هذه التحديات الارتفاع الكبير في تكلفة الإنتاج، بما في ذلك أسعار الأسمدة والمبيدات والوقود، وذلك نتيجة لانهيار الليرة اللبنانية.
كما زادت تكلفة النقل والري بشكل كبير، خاصة مع النقص الحاد في المياه، مما أثقل كاهل المزارعين.
ويضاف إلى ذلك غياب الدعم الحكومي الفعال، حيث أن الدعم السابق للزراعة شبه متوقف حاليا، مما يترك المزارعين في مواجهة السوق بمفردهم.
ويعاني المزارعون أيضاً من ضعف في تصريف الإنتاج وانخفاض الأسعار المحلية مقارنة بالكلفة، بالإضافة إلى غياب قنوات تصدير فعالة أو دعم حكومي لترويج المنتج اللبناني في الخارج.
كما يواجهون منافسة غير عادلة من خلال دخول زيوت مستوردة أو مهربة بأسعار أرخص، مما يضر بالإنتاج المحلي، وغياب الرقابة يتيح الغش التجاري، ما يؤثر على ثقة المستهلك.
ولا يمكن إغفال تأثير التغيرات المناخية التي تؤدي إلى مواسم غير منتظمة وتؤثر على الإنتاجية، بالإضافة إلى ظهور آفات جديدة تهدد الأشجار في ظل ضعف الإرشاد الزراعي.
الحسيني: “العدو الاسرائيلي يحاول منع المزارعين الزيتون من الإستقرار في قراهم”
أوضح رئيس تجمع مزارعي الجنوب: محمد الحسيني، في حديث ل أن “إنتاج الزيتون متواضع في كل لبنان ومنه في الجنوب، والسبب هو كيفية التعامل مع شجر الزيتون الذي لا يزال على الطريقة التقليدية، وهذا ما يضر بالانتاج وتكون النتيجة أنها تعطي موسما كاملا في سنة ( كما حصل في السنة الماضية) وربع الموسم كما هو الحال هذا العام”.
وأضاف أن “أساليب القطاف والتخزين عند المزارع اللبناني لا تزال تقليدية، ولا تتطور كما يحصل في إسبانيا وإيطاليا مثلا، حيث الإنتاج السنوي للزيتون مرتفع، بسبب تطورهم في التعامل مع شجر الزيتون وكيفية زراعته والإعتناء به”، مشيرا إلى أنه “في ما يخص مزارعي الجنوب حاولوا في بداية الموسم البدء بالقطاف، فتعرضوا لإطلاق النار من قبل الإسرائيليين، وسقط شهداء وجرحى، الى أن تم الإتفاق على صيغة يتم من خلالها التنسيق بين البلديات والجيش اللبناني، واليونيفيل ولجنة الميكانيزم للتواصل مع العدو الإسرائيلي، والإبلاغ عن الأماكن التي يتواجد فيها المزارعون لقطف الزيتون”.
وأشار إلى أن “هذه الآلية تُيسر أمور المزارعين إلى حد ما، ولكن هناك أماكن يمنع العدو الإسرائيلي المزارعين الدخول إليها، ولا سيما بين النقاط الخمسة والبساتين القريبة من الحدود، وهناك بساتين تمّ حرقها وجرفها بالكامل، وخسائر الزيتون في الجنوب هي نحو 450 الف شجرة زيتون حرقها وإقتلعها العدو الإسرائيلي منذ بداية العدوان “.
وأوضح أن “هناك مزارعين يعتمدون على موسم الزيتون بشكل كلي في معيشتهم، وهناك من يعتمد عليه بشكل جزئي، وهؤلاء باتوا يعانون من عجز في تأمين معيشتهم، ويحاولون تأمين مصادر دخل أخرى، لكن الأدهى أن العدو الاسرائيلي يحاول منع المزارعين الزيتون من الإستقرار في قراهم، والإعتناء بمواسمهم لأن هذا الامر يعني عودتهم الى حياتهم الطبيعية هذا ما لا يريده”.
واختتم حديثه قائلاً: “هناك مزارعين لا يعانون صعوبة الوصول الى حقولهم، مثل قرى حاصبياعلى سبيل المثال، لكن الإنتاج متراجع عند الجميع”.