لبنان اليوم

أعرب المحلل السياسي وجدي العريضي عن بالغ قلقه إزاء ما يتردد من تقارير دبلوماسية واستخباراتية تشير إلى استعدادات إسرائيلية لشن عدوان واسع النطاق على لبنان.
واستبعد العريضي تكرار سيناريو الاجتياح البري الذي شهدناه عام 1982، إلا أنه رجح أن تكون الضربات المرتقبة، وفقًا للمعطيات المتوفرة، موسعة وعنيفة للغاية، وقد تطال مناطق جديدة، وذلك بغطاء أميركي ودعم مباشر من الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”.

وفي حديث خاص لـ ، أوضح العريضي أن الزيارة التي قام بها مدير المخابرات العامة المصرية إلى لبنان تؤكد هذه المخاوف، إذ يحمل معه معلومات دقيقة تفيد بأن إسرائيل تتجهز لعدوان كبير.
وأشار إلى أن مدير المخابرات المصرية التقى مؤخرًا رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”. وأكد العريضي أن “الرسالة واضحة: على حزب الله أن يتخلّى عن سياسة الإنكار ويسلّم سلاحه إلى الدولة اللبنانية، لأنّ إسرائيل في صدد عمل عسكري واسع”.

وأشار العريضي إلى الدور المحوري الذي لطالما لعبته الاستخبارات المصرية في العقود الماضية، لا سيما في الستينيات والسبعينيات، حيث كانت تقوم بإبلاغ المسؤولين اللبنانيين مسبقًا بالمخاطر الأمنية المحتملة، سواء كانت عمليات اغتيال أو تفجيرات.
وهذا ما يجعلها اليوم مصدرًا موثوقًا فيما يتعلق بالتطورات الإقليمية.

وفي سياق متصل، أكد العريضي أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، العماد “جوزيف عون” و “نواف سلام”، يشددان في كل لقاء مع الموفدين الأميركيين وغيرهم على ضرورة لجم الاعتداءات الإسرائيلية.
وأشار إلى أن الحديث عن “سلام مباشر أو غير مباشر” بات مطروحًا بجدية، معتبرًا أن كلام رئيس الجمهورية حول هذا الموضوع يعكس وجود مسار تفاوضي طويل الأمد قيد التحضير.

إلا أن العريضي استبعد التوصل إلى سلام مباشر بين لبنان وإسرائيل، معتبرًا أن السيناريو الأقرب هو مفاوضات غير مباشرة برعاية أميركية، أو اتفاق يكرس حياد لبنان.
وأضاف قائلًا: “يجب أن ينتهي زمن استخدام لبنان كساحة تصفية حسابات، كما حصل في السبعينيات والثمانينيات عندما كان مسرحًا للسلطة الفلسطينية والنظام السوري وحماس وجبهات الرفض وحزب الله. لبنان قاتل عن الأمة بأسرها، ولم يعد قادرًا على دفع فواتير جديدة”.

وفي الشأن الداخلي، أكد العريضي أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها المحدد ولن تتأجل “ليوم واحد”، بحسب تأكيدات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
وأشار إلى أن التحضيرات والتحالفات الانتخابية بدأت تتبلور في أكثر من منطقة، لافتًا إلى أن النائب “نبيل بدر” لا يزال رقمًا صعبًا في بيروت، ويجري اتصالات مكثفة لتشكيل لائحة موحدة بالتعاون مع القوى السياسية وأهالي العاصمة.

وفي طرابلس، أوضح العريضي أن النائب “إيهاب مطر” يتصدر المشهد السياسي والإنمائي، من خلال حضوره ودعمه المتواصل للمدينة على مختلف المستويات، ما يعزز موقعه الانتخابي.

وأشار إلى أن التحالفات بين الأحزاب الكبرى ستكون “على القطعة” في بعض الدوائر، خصوصًا بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، من دون تقاطع انتخابي مباشر.
ولفت إلى أن النائب “مارك ضو” يتحالف مع حزب الكتائب ويتواصل مع مختلف القوى السياسية والطوائف، في إطار مقاربة وطنية شاملة.

وفيما يتعلق بملف الإعمار، اعتبر العريضي أن الحديث عن مؤتمرات دعم كبرى للبنان لا يزال مستبعدًا في المرحلة الراهنة، مشيدًا بدور رئيس مجلس الجنوب المهندس “هاشم حيدر”، الذي يواصل العمل ضمن الإمكانات المتاحة، سواء من خلال المجلس أو من موقعه كنائب لرئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، حيث حقق نجاحات لافتة انعكست إيجابًا على كرة القدم اللبنانية.

وأشار إلى أن مؤتمر دعم الجيش اللبناني لم يُحدَّد موعده بعد، لأن هذه المبادرات، بحسب قوله، باتت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بملف السلاح غير الشرعي.
وفي هذا السياق، استشهد العريضي بكلام رجل الأعمال الإماراتي الشيخ “خلف أحمد الحبتور” الذي قال: “ماذا تريد إسرائيل؟ خطة غزة أُبرمت، ووقف إطلاق النار في لبنان قائم بموجب القرار 1701، والدول العربية تجاوبت، فلماذا تواصل إسرائيل خرق القرارات الدولية؟”.

وفي تقييمه لأداء الحكومة، رأى العريضي أنها تقوم بواجباتها ضمن حدود الإمكانات المتاحة، مشيدًا بدور وزير الأشغال “فايز رسامني” الذي تحول إلى “علامة فارقة” من خلال نشاطه الواسع في مشاريع التزفيت والصيانة في مختلف المناطق بعيدًا عن أي استنسابية أو طائفية، فضلًا عن جهوده في المرافئ والمطار.
كما أشاد بعدد من الوزراء الذين يواصلون العمل بصمت رغم الظروف الصعبة.

وفي الختام، توقع العريضي أن يشكل وصول السفير الأميركي الجديد إلى بيروت، “ميشال عيسى”، مرحلة سياسية جديدة، نظرًا لما يتمتع به من حزم ووضوح في المواقف، مشيرًا إلى أن مهمته ستتجاوز الإطار التقليدي للقرار 1701 ودور الأمم المتحدة، لتشمل متابعة مباشرة للخط الأزرق وملف السلاح بالتنسيق التام مع الإدارة الأميركية.