لبنان اليوم

تداولت وسائل الإعلام أنباءً تفيد بإسقاط جنود فرنسيين، ضمن القوة الأممية المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، طائرة مسيرة إسرائيلية كانت تحلق فوق إحدى دورياتهم، بعد إلقاء الطائرة قنبلة يدوية بالقرب منهم في بلدة كفركيلا جنوب لبنان. وعلى إثر هذا الحادث، صدر بيان مشترك من فرنسا والأمم المتحدة يعرب عن استنكارهما لما وصفاه بـ “العدوان الإسرائيلي في جنوب لبنان”.

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، نقلاً عن مصدر دبلوماسي رفيع، أن “قرار إسقاط الطائرة المسيّرة الإسرائيلية في جنوب لبنان كان فرنسياً بحتاً”، وأوضحت أن قوات “اليونيفيل” قد تلقت تعليمات “باستخدام وسائل دفاع ضرورية لتحييد الطائرة بعد اقترابها بشكل عدائي من إحدى الدوريات”.

وأكد البيان الرسمي الصادر عن “اليونيفيل” يوم الأحد، أن “الطائرة المسيّرة الإسرائيلية حلّقت فوق دورية تابعة للقوة بطريقة عدائية، ما دفع الجنود إلى اتخاذ إجراءات دفاعية ضرورية لتحييدها”. وأضاف البيان أن الحادث وقع في قرية كفركيلا عندما اقتربت الطائرة من الدورية وألقت قنبلة يدوية، تبع ذلك إطلاق دبابة إسرائيلية النار باتجاه الجنود الدوليين. وتبين أن الجنود المعنيين بالحادث هم من الجنسية الفرنسية، في واقعة نادرة الحدوث تتمثل في قيام جنود أمميين بإسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية.

في المقابل، صرح المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي بأن “التحقيقات الأولية تشير إلى أنّ قوات الأمم المتحدة أطلقت النار عمداً على الطائرة المسيّرة وأوقعتها”. في المقابل، أدانت كل من الأمم المتحدة وفرنسا “العدوان الإسرائيلي في جنوب لبنان”، معتبرتين أن “قوة الأمم المتحدة تلقت أوامر باتخاذ إجراءات ضرورية ضد تصرفات يمكن اعتبارها، في أفضل الأحوال، غير مسؤولة، وفي أسوأها عدائية بشكل صارخ”.

وأكد دبلوماسي مطلع على الملف لصحيفة “لو فيغارو” أن “الحادثة ليست معزولة”، مشيراً إلى أن “جندياً إندونيسياً أُصيب بشظايا قنبلة أُلقيت من طائرة مسيّرة إسرائيلية قبل فترة، كما قُتل جنديان لبنانيان في آب الماضي خلال تدخل في حادث مشابه”.

وأشار تقرير الصحيفة الفرنسية إلى أن الحادث الأخير يعكس تصاعد حدة التوتر بين القوات الفرنسية العاملة ضمن “اليونيفيل” والجيش الإسرائيلي. ففي الصيف الماضي، واجه جنود فرنسيون طائرة مسيّرة إسرائيلية حلّقت على ارتفاع منخفض (نحو 25 متراً) فوقهم، مما أثار حالة من الذعر وأجبرهم على الاحتماء داخل مركباتهم المدرعة خشية أن تكون الطائرة مسلحة. وذكرت وزارة الدفاع الفرنسية أن “أيّ جيش لا يمكن أن يقبل أن يُهاجم بهذه الطريقة”، وأشارت إلى أن “من 10 إلى 20 طائرة مسيّرة إسرائيلية تحلّق يومياً فوق جنوب لبنان”.

ويأتي هذا التطور بعد مرور أقل من عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، الذي أُبرم في 27 تشرين الثاني 2024، عقب أشهر من تبادل القصف في الجنوب اللبناني وضواحي بيروت، إثر اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على يد إسرائيل وتفكيك البنية العسكرية للحزب. ومنذ ذلك الحين، أقام الجيش الإسرائيلي خمس نقاط عسكرية داخل الأراضي اللبنانية على طول الحدود، وذلك بالتنسيق المستمر بين الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل”.

ووفقاً لصحيفة “لو فيغارو”، فقد التزم حزب الله حينها بالتخلي عن سلاحه جنوب نهر الليطاني، إلا أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أنه يعيد تنظيم صفوفه، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى تصعيد عملياتها الجوية وزيادة وتيرة تحليق طائراتها المسيّرة، والتي سبق أن سقطت إحداها في الصيف الماضي داخل المقرّ الرئيسي لـ”اليونيفيل” في الناقورة.

وفي باريس، جددت وزارة الدفاع الفرنسية التذكير بأن “قوات الأمم المتحدة كانت قد وجّهت تحذيرات متكرّرة لإسرائيل بشأن السلوك العدائي وغير المهني لطائراتها المسيّرة فوق لبنان”، مؤكدة أن “هذه التصرفات باتت لا تُطاق وتشكل خطراً حقيقياً على الجنود الأمميين والسكان المحليين على حدّ سواء”.