لبنان اليوم

ممّا لا شكّ فيه، أنّ لبنان يواجه تحديات جمّة على الصعيدين البرّي والبحري. لقد أصبحت حدوده البحرية مع كل من سوريا وإسرائيل وقبرص قضية معقدة ومليئة بالعقبات، حيث لم يتم التوصل إلى اتفاقية ترسيم بحري تحقق مصالحه بشكل كامل. بل يمكن وصف الاتفاقيات السابقة مع قبرص وإسرائيل بأنها “اتفاقات خاسرة” بالنسبة للبنان.

ومع ذلك، يحاول بعض الخبراء في مجال الطاقة التقليل من حجم الخسارة التي تكبدها لبنان في ما يتعلق بالترسيم البحري مع قبرص. ورغم أنهم لا ينكرون أن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل قد سمح لإسرائيل باستغلال الغاز في حقل “كاريش”، إلا أن وضع الثروة البحرية من الجانب اللبناني لا يزال غامضاً، خاصة بعد النتائج المخيبة للآمال التي أسفرت عنها عمليات المسح والتنقيب في بعض البلوكات.

ويؤكد الخبراء لـ على أهمية ترسيم الحدود البحرية، معتبرين أنها “خطوة لا بدّ منها، تؤمن الإستقرار الذي يجذب الشركات النفطية العالمية إلى العمل في لبنان”.

ولكن، هل كان ترسيم الحدود البحرية مع قبرص مثالياً؟

يجيب الخبراء بأنه “كان بالإمكان أن يكون أفضل، إنما من الصعب الحصول على كل ما نطلبه في المفاوضات، بل على أفضل الممكن، وهي المعادلة التي تنطبق على الترسيم البحري مع قبرص، حيث كان لا بدّ من إنهاء هذا الملف الذي بقي معلقاً لسنوات”.

وبالتالي، يشدد الخبراء على أن لبنان “لم يخسر مئة في المئة كما أن قبرص لم تربح مئة في المئة، فالإتفاق معها سيسمح للبنان أن يستفيد من تقدم قبرص من ناحية النفط والغاز، من حيث الإستكشافات التي تقوم بها ومكامن الغاز والنفط المهولة لديها، ما جعلها تسبق لبنان بأشواط، بمعنى أن لبنان كان بحاجةٍ أكثر من قبرص لإنهاء هذا الملف، لكي يفتح المجال أمام الشركات العالمية للتنقيب في المياه اللبنانية”.

لذا، يرى الخبراء أنه يجب اعتماد الواقعية في مجال الترسيم البحري، خاصة وأن هناك نقاطاً أخرى لا تزال عالقة بين لبنان وقبرص وإسرائيل، كما هو الحال بالنسبة للنقطة رقم 7 بين لبنان وسوريا وقبرص، والتي تتطلب من الدولة اللبنانية إنهاء مفاوضات الترسيم البحري مع سوريا، والتوصل إلى اتفاق مع البلدين بشأنها، نظراً لأهمية هذا المثلث لقطاع النفط والغاز في الدول الثلاث المعنية.