لبنان: هل تواجه المصير نفسه بعد غزة؟
لبنان اليوم

هل لبنان هو التالي بعد غزة؟

لم تنتظر واشنطن وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى إلى بيروت الشهر المقبل لكي تُطلق رسائلها باتجاه لبنان، فهي تعمّدت توجيهها مباشرةً بعد قمّة شرم الشيخ التي أنهت الصراع العسكري بين الفلسطينيين والإسرائيليين في غزة، وبعد إعلان رئيس الجمهورية :جوزيف عون استعداده للتفاوض لمعالجة الملفات العالقة بين لبنان وإسرائيل.

هنا، يبرز الهدف الفعلي من الرسالة التي وجّهها السفير :توم برّاك، والتي لا تزال تتردّد أصداؤها في بيروت، والذي تختصره أوساط ديبلوماسية على تماسٍ مع واشنطن، بالتأكيد على أن لا تغيير في السياسة الرامية إلى إنهاء الدور الإيراني وأذرعه في المنطقة، وبالتحذير من التلكؤ في إنهاء سلاح “حزب الله”، وبمنح لبنان الفرصة الأخيرة قبل “الضربة الحتمية”، وهو التعبير الذي استخدمه :برّاك.

قد يكون السفير :برّاك، قد أجاب الآن عن السؤال الذي طُرح بقوة عشية قمة شرم الشيخ حول الجبهة التالية بعد غزة: لبنان أم العراق أم اليمن أم إيران؟ من الواضح، تكشف الأوساط الديبلوماسية، أن لبنان هو التالي، ولا مفرّ للأسف، من ضربة عسكرية كبرى، في حال لم يبادر الحزب إلى الإعلان عن إنهاء مشروعه المسلّح، أسوةً بما قامت به “حركة حماس”، ولم تبادر الدولة إلى بسط سيادتها، خصوصاً أن السيادة لا تُبسط بالتراضي.

وإذا كانت الضربة حتمية كما قال :برّاك، فإن توقيتها بحسب الأوساط، ينتظر دخول غزة في المرحلة الثانية، أي تسليم “حماس” سلاحها، من دون إهمال أنه، وفي حال سارت الأمور بسلاسة، يبدو من الصعب العبور إلى المرحلة الثالثة قبل نهاية العام الحالي، فيما من المستبعد تنفيذ إسرائيل أي ضربة تزامناً مع زيارة البابا إلى لبنان في نهاية تشرين الثاني ومطلع كانون الأول.

والمقصود من كل ما تقدّم، أن هناك متّسعاً من الوقت للكلام الجاد والمسؤول مع الحزب، ليُعلن إنهاء مشروعه المسلّح، وفي حال الرفض، فمن المهمّ إبلاغه أن الدولة لا يمكن أن تقف متفرّجة على حرب ستدمِّر لبنان وتقتل الشعب اللبناني. وتقول الأوساط، إنه عندما يبلّغ الحزب بأن القرار اتُّخذ، فلن يكون أمامه خيار، رغم أنه ما زال يتصرّف اليوم على قاعدة أن الدولة لن تُقدم على أي خطوة لتسلّم سلاحه.

واللافت، بحسب الأوساط الديبلوماسية، هو أنه على الدولة ومعها الحزب، أن يُدركا أن الولايات المتحدة “ما عم تتسلّى”، وأن المنطقة تشهد حرباً كبرى طرقت أبواب لبنان وستطرقها من جديد، فيما الحلّ الوحيد لتجنُّبها هو إبلاغ الحزب بجدية وحزم أن “الوقت حان للإقلاع عن الحجج التي تُبقي لبنان في دائرة الحرب”.

لكن في المقابل، تُعلن مرجعيات “الثنائي الشيعي” أن لبنان طبّق ما هو مطلوب منه في اتفاق وقف إطلاق النار في حين أن إسرائيل لم تلتزم، كما أن لبنان التزم بالقرار 1701، فيما إسرائيل لم تلتزم به، وهو ما تُطلق عليه الأوساط الديبلوماسية توصيف الإعلان التضليلي بهدف الحفاظ على الوضع القائم الذي لا يخدم إلاّ التوجّهات الإيرانية، وحماية السلاح.

وعند هذه الحدود، فإن ما يحصل اليوم مع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، هو تكرار لما حصل مع القرار 1701، وقبله مع اتفاق الطائف، حيث تلاحظ الأوساط عينها، أن اتفاق 27 تشرين الثاني لم يُطبّق من الجانبين، خصوصاً وأن هذا الإتفاق نصّ بوضوح شديد على حصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية.

صحيح أن الحزب لم يوقِّع اتفاق 27 تشرين، لكنه وافق عليه، كما تقول الأوساط، ذلك أن إسرائيل وافقت على وقف الحرب لأنه تعهّد بإنهاء مشروعه المسلّح، كما تعهّد سابقاً بإنهاء هذا المشروع عندما وافق على القرار 1701، ثم تنصّل منه بعدما توقّفت الحرب، فيما الفارق اليوم أن إسرائيل قرّرت مواصلة الحرب لأنه لم يلتزم بما وقّع عليه. فهل يكون لبنان التالي بعد وقف الحرب في غزة؟