
في خضم التحديات الإقليمية المستمرة وتحولات التحالفات، تتناول وسائل الإعلام الإسرائيلية دلائل متزايدة على وجود تقارب سعودي إسرائيلي برعاية أمريكية، مدفوعًا بالمصالح الاقتصادية والأمنية المتبادلة، والمرتبط برؤية الأمير محمد بن سلمان لمستقبل المملكة والمنطقة.
أكدت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية أن الولايات المتحدة تتوقع حدوث تقارب حقيقي بين إسرائيل والسعودية خلال العام القادم، وربما قبل الانتخابات الإسرائيلية القادمة، مشيرة إلى أن مسار التطبيع بين الطرفين لم يتوقف بالرغم من الحرب، وأن الاتصالات مستمرة على مختلف المستويات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إشادته بموقف الإمارات، واصفًا إياها بـ “الصديقة العربية الحقيقية لإسرائيل”، ومشيراً إلى أنها واصلت رحلاتها الجوية إلى تل أبيب خلال الحرب وقدمت مساعدات إنسانية للفلسطينيين في غزة بالتنسيق مع إسرائيل.
أوضح التقرير أن الإمارات والسعودية تتبنيان موقفًا موحدًا يعتبر أن إعادة إعمار غزة لن تكون ممكنة ما دامت حركة حماس موجودة، مع التزامهما في الوقت نفسه بتمويل مشاريع إنسانية وإعادة بناء البنية التحتية في المناطق المتضررة.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أمريكي رفيع قوله إن “الأمر ليس مسألة رهان، بل نتيجة طبيعية للواقع الجيوسياسي والمصالح الاقتصادية المتشابكة”، مضيفًا أن ما كان يجب أن يحدث منذ زمن “سيحدث قريبًا”، على حد تعبيره.
كما أوضحت أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يرى في التعاون مع إسرائيل جزءًا من رؤيته “السعودية 2030″، التي تقوم على شراكات اقتصادية وتكنولوجية وأمنية واسعة، مشيرة إلى أن هذه الرؤية تتقاطع مع مجالات التفوق الإسرائيلي في الابتكار والأمن السيبراني والتكنولوجيا المالية.
وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أن ابن سلمان يسعى إلى اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة يشمل تعاونًا أمنيًا غير مباشر مع إسرائيل، في مواجهة إيران وأذرعها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيون في اليمن.
وكشفت الصحيفة أن السعودية قدمت مساعدة لإسرائيل خلال الحرب مع إيران في يونيو الماضي، حيث قامت مروحيات سعودية باعتراض طائرات مسيرة إيرانية كانت متجهة إلى الأراضي الإسرائيلية.
وذكر التقرير أن إيران وحركة حماس حاولتا عرقلة مسار التطبيع، مشيرًا إلى أن وثائق استخباراتية أظهرت أن أحد أهداف هجوم السابع من تشرين الأول كان إفشال التقارب بين الرياض وتل أبيب. وأضافت الصحيفة أن هذا الهدف تحقق مؤقتًا في ظل إدارة أمريكية ديمقراطية واجهت صعوبات في التعامل مع الحرب وتعقيداتها.
وذكرت الصحيفة أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أعادت ملف التطبيع السعودي الإسرائيلي إلى الطاولة، باعتباره راعي اتفاقيات أبراهام. ونقلت عنه قوله إنه سمع من كبار المسؤولين السعوديين رغبة صريحة في الانضمام إلى الاتفاقيات، مؤكدًا أن انضمام السعودية سيشجع دولاً عربية وإسلامية أخرى على اللحاق بها.
وأضافت “إسرائيل هيوم” أن الاتصالات المباشرة بين الرياض وتل أبيب بلغت مرحلة متقدمة في أيلول 2023، حين بُث خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة على شاشة التلفزيون السعودي للمرة الأولى، في مؤشر على تقارب غير مسبوق.
ورأت الصحيفة أن الحرب الأخيرة عطلت المسار ولكنها لم توقفه، موضحة أن السعودية، بالرغم من إدانتها لهجوم السابع من تشرين الأول، تبنت خطابًا سياسيًا أكثر حذرًا تجاه إسرائيل، لكنها ما زالت مهتمة بمواصلة المسار ضمن إطار سياسي جديد يتوافق مع خطة ترامب.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن كلا البلدين – السعودية والإمارات – ينظران إلى شرق أوسط مستقر كفرصة اقتصادية واستراتيجية كبرى، وأن تعاونهما مع إسرائيل في مجالات التكنولوجيا والأمن والطاقة والتعليم قد يرسم ملامح مرحلة جديدة في المنطقة خلال العام القادم.
المصدر: لبنان اليوم