نشر في 22/10/2025 | آخر تحديث: 17:37 (توقيت مكة)

منذ ما يزيد على عقد من الزمان، انشغل العلماء بظاهرة غريبة في قلب مجرتنا “درب التبانة”: توهج خافت لأشعة غاما لا يبدو أنه صادر عن أي مصدر معروف، سواء أكانت نجوماً، أو غازات، أو حتى ثقوباً سوداء.

تجدر الإشارة إلى أن أشعة غاما تمثل أعلى مستويات الطاقة في الطيف الكهرومغناطيسي، وهي نوع من الضوء، ولكنها تختلف عن الضوء المرئي أو موجات الراديو، إنها ببساطة “ضوء غير مرئي” ذو طاقة عالية.

الآن، تشير دراسة جديدة نشرت في دورية “فيزكال ريفيو ليترز” إلى أن فريقاً من جامعة جونز هوبكنز الأميركية قد يكون على وشك حل هذا اللغز أو على الأقل تضييق نطاقه. يقترح الفريق أن هذا الضوء قد يكون نتيجة تصادمات جسيمات المادة المظلمة، أو بسبب نجوم نيوترونية فائقة السرعة تعرف باسم “نابض المللي ثانية”.

المادة المظلمة تشكل حوالي 85% من كتلة الكون، بينما تتكون البقية مما نعرفه من نجوم ومجرات وكواكب، بالإضافة إلى سكان هذه الكواكب من بشر وكائنات حية أخرى.

لا يمكن رصد المادة المظلمة بشكل مباشر، ولهذا سُمّيت بـ”المظلمة”، ولكن يمكن للعلماء ملاحظة تأثيرها على تجمعات المجرات، حيث تبدو أثقل مما ينبغي في عمليات الرصد الفلكية.

يفترض العلماء أن المادة المظلمة تتكون من جسيمات قد تتصادم أحياناً وتنتج طاقة على شكل أشعة غاما.

باستخدام نماذج حاسوبية متطورة، قام العلماء بمحاكاة تطور مجرة درب التبانة على مدى مليارات السنين، لتحديد الأماكن التي يُفترض أن تتجمع فيها المادة المظلمة. وقد أظهرت النتائج أن النمط الذي أنتجته المحاكاة يتطابق مع التوهج الذي ترصده تلسكوبات أشعة غاما في مركز المجرة.

لكن هذا ليس التفسير الوحيد، فهناك احتمال آخر يشير إلى أن النجوم النيوترونية فائقة السرعة، وهي بقايا نجمية شديدة الكثافة تصدر إشعاعات قوية أثناء دورانها، قد تكون السبب.

يفترض هذا الاحتمال أنه إذا كانت هذه النجوم موجودة بأعداد كبيرة في مركز المجرة، فإنها يمكن أن تفسر التوهج الغامض الصادر من قلب “درب التبانة”.

ومع ذلك، يشير بيان رسمي صادر عن جامعة جون هوبكنز إلى أن عدد النجوم النيوترونية المطلوب لتفسير التوهج يتجاوز ما تم رصده فعلياً، مما يجعل هذا الاحتمال أقل احتمالاً، ولكنه لا يزال قائماً.

يأمل الباحثون أن تساعدهم مصفوفة تلسكوبات شيرينكوف، التي ستدخل حيز التشغيل الكامل خلال السنوات القادمة، في التمييز بين “توهج المادة المظلمة” و”نبضات النجوم النيوترونية”.

تعد مصفوفة تلسكوبات شيرينكوف أكبر مشروع فلكي في العالم مخصص لدراسة الكون باستخدام أشعة غاما ذات الطاقة العالية، وهي تمثل الجيل القادم من المراصد الفضائية الأرضية في هذا المجال.

يحمل المشروع اسم العالم الروسي :بافل شيرينكوف، مكتشف ظاهرة إشعاع شيرينكوف، وهو الضوء الأزرق الذي يظهر عندما تتحرك جسيمات مشحونة بسرعة تفوق سرعة الضوء في وسط مادي (وليس في الفراغ).

يتكون المشروع من محطتين رئيسيتين موزعتين على جانبي الكرة الأرضية لتغطية السماء بأكملها، الأولى تقع في جزيرة لا بالما في جزر الكناري (إسبانيا)، والثانية في صحراء أتاكاما في شمال تشيلي، وهي من بين أكثر المناطق صفاءً على وجه الأرض.

المصدر: لبنان اليوم