يستعرض الوثائقي “عجائب القمر” العلاقة الوثيقة بين القمر والأرض، وتأثيره العميق على تشكيل كوكبنا والحياة عليه. يجمع العمل بين العلم والتاريخ، ويستكشف الأساطير القديمة والتأثيرات البيولوجية للقمر، بالإضافة إلى استعراض أهم الاكتشافات العلمية المتعلقة به.
في ليال هادئة، عندما يضيء القمر سطح البحر ويُلقي بظلاله على الجبال، قد يغفل الكثيرون عن أن هذا الجرم السماوي هو رفيقنا الأقدم في رحلتنا الكونية.
يأخذنا الوثائقي الجديد “عجائب القمر.. حكاية الضوء الذي شكّل حياتنا وأحلامنا”، الذي أنتجته “بي بي سي” وعرضته الجزيرة الوثائقية، في رحلة مدهشة مع العالم الأيرلندي دارا أوبراين. تجمع هذه الرحلة بين العلم والتاريخ، لتذكيرنا بأن القمر ليس مجرد جرم سماوي، بل قوة خفية أثرت في تشكل الأرض والحياة عليها منذ 4 مليارات سنة.
منذ فجر التاريخ، كان القمر أول ساعة للإنسان وبوصلته. لكن الوثائقي يوضح أن القمر لم يحدد الوقت فحسب، بل لعب دورًا في تكوين كوكبنا.
يشرح دارا كيف تشكل القمر نتيجة اصطدام هائل بين الأرض البدائية وجسم سماوي ضخم يُدعى ثيا. هذه اللحظة الكونية أعادت تشكيل الكوكبين معًا، ليصبح أحدهما الأرض التي نعرفها، والآخر رفيقها المضيء في الليل.
منذ ذلك الحين، بدأ القمر يمارس تأثيره الخفي، حيث يسحب المحيطات ليُحدث المد والجزر، ويُبطئ دوران الأرض تدريجيًا، ويحافظ على استقرار ميل محور دورانها، مما جعل الفصول ممكنة، وبالتالي الحياة كما نعرفها. وكما يقول أوبراين: “لولا القمر، لما كنا هنا”.
يستمر هذا التأثير حتى في تصورات الناس عن تأثير القمر في حياتهم، مثل الاعتقاد بأن الناس يصبحون أكثر غضبًا خلال اكتمال القمر، أو أن زيارات المستشفيات تزيد خلال هذه الفترة.
يعرض الوثائقي أهم اكتشافات العلماء حول القمر، مع التركيز على كيفية إجراء هذه الاكتشافات. يلتقي أوبراين بعلماء متخصصين لشرح العمليات العلمية، ويزور أهم المراصد ووكالات الفضاء للإجابة عن أسئلته.
يتناول الوثائقي أسئلة متنوعة، مثل: ما هو الجانب الآخر من القمر وكيف اكتشفناه؟ لماذا تتغير أطوار القمر بهذه الطريقة؟ وماذا تخبرنا به الصخور التي أُحضرت من القمر؟ وهل يمكن أن يفيدنا ماء القمر في المستقبل؟
لا يغفل الوثائقي عن الجوانب الأرضية المدهشة، فخلال اكتمال القمر، تخرج الحيوانات المفترسة متأخرة عن عادتها لأن الضوء الفضي يكشف تحركاتها، بينما تستغل القوارض هذه اللحظات للهروب.
وفي البحار، تهاجر أنواع من المرجان وتضع بيوضها بدقة مدهشة تتزامن مع الدورة القمرية، وكأنها تقرأ في السماء تقويمًا سريًا.
حتى الإنسان لم ينجُ من هذا “السحر”، فكل الثقافات القديمة تقريبًا نسجت حول القمر أساطير عن الولادة والموت والبعث.
يقدم دارا أوبراين، المعروف بخفة ظله ومعرفته العلمية العميقة، الوثائقي بأسلوب يجمع بين الفكاهة الراقية والتأمل الهادئ، مما يسهل فهم المعلومات العلمية المقدمة بشكل كبير.
المصدر: لبنان اليوم