ملخص: يواجه لبنان صعوبات في الحصول على قرض دولي لإعادة الإعمار بسبب شروط البنك الدولي المتعلقة بالشفافية وسلاح حزب الله، ما يعكس فقدان الثقة الدولية وتخوف المانحين من تكرار تجربة استغلال أموال المساعدات كما حدث بعد حرب 2006.
في خضمّ التطلعات اللبنانية نحو انطلاق مشاريع إعادة الإعمار في مناطق الجنوب والضاحية والبقاع، يطفو على السطح مجددًا ملف القرض الدولي البالغ 250 مليون دولار، إلا أنه يصطدم بعقبات جمة تتمثل في الشروط الصارمة التي يفرضها البنك الدولي. تتصدر هذه الشروط مسألة سلاح حزب الله وضمان الشفافية في الإنفاق، ما يعكس تآكل الثقة الدولية بالدولة اللبنانية وتخوف المانحين من تكرار سيناريو ما بعد حرب تموز 2006.
وفي هذا السياق، أفصح الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة في تصريح لـ عن معلومات جديدة تتعلق بالقرض المذكور، والذي من المفترض أن يقدمه البنك الدولي للبنان لدعم جهود إعادة الإعمار في المناطق المنكوبة.
وبحسب حمادة، فإن القرض يرزح حاليًا تحت وطأة التجميد الفعلي، وذلك نتيجة للشروط والاستفسارات التي أثارها البنك الدولي، والتي تتمحور حول معايير الشفافية وتحديد الجهات المستفيدة المحتملة من الأموال، خاصة في ظل دور حزب الله وتأثيره على آليات الإنفاق والتنفيذ.
وأوضح حمادة أن ذاكرة المانحين لا تزال تحتفظ بتجربة ما بعد حرب تموز 2006، حيث شهدت تلك المرحلة استغلالًا ماليًا واسعًا لأموال التعويضات والمساعدات العربية والدولية، والتي استفاد منها حزب الله وحركة أمل والمقربون منهما. وأكد أن البنك الدولي يرفض تكرار هذه التجربة في غياب ضمانات حقيقية تكفل الاستخدام الرشيد للأموال وتضمن الشفافية.
وأكد حمادة أن تجميد القرض لم يتم الإعلان عنه رسميًا، إلا أنه قائم على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن كافة الاجتماعات والمناقشات التي جرت مؤخرًا في واشنطن أو خارجها لم تسفر عن أي تقدم، خاصة فيما يتعلق بملف نزع السلاح، والذي يشكل مطلبًا أساسيًا بالنسبة للمجتمع الدولي قبل المضي قدمًا في أي تمويل.
وأضاف حمادة أن الولايات المتحدة والبنك الدولي متفقان على منع تكرار سيناريو 2006، مشيرًا إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت تأسيس عشرات الشركات الجديدة المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بحزب الله وحركة أمل والمحيط المقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري. والهدف من هذه الشركات، بحسب حمادة، هو الاستعداد لتلقي أموال إعادة الإعمار، سواء من الدولة اللبنانية أو من المساعدات والقروض الخارجية، حتى تلك الخاضعة للرقابة الدولية.
وأشار حمادة إلى أن هذه الشركات تعمل خارج الإطار الرسمي وتعتمد معايير خاصة، ما يثير الشكوك حول طبيعة أنشطتها، خاصة في ظل ضعف الرقابة الميدانية. فبعض المشاريع قد يتم تسجيلها كأعمال ترميم أو بناء منازل، في حين يمكن استغلالها لتنفيذ أعمال أخرى، مثل حفر أنفاق أو إنشاء بنى عسكرية، وهو ما يصعب التأكد منه أو مراقبته.
وأضاف أن الشق المالي في هذا الملف يبقى محور الاستغلال الأساسي، كما حدث بعد حرب 2006، حيث تم اقتطاع مبالغ ضخمة ذهبت إلى أطراف حزبية معروفة. لذلك، يؤكد حمادة أن المجتمع الدولي هذه المرة عازم على عدم السماح بتكرار تلك التجربة بأي شكل من الأشكال.
وفيما يتعلق بالتصعيد الميداني، كشف حمادة أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مؤسسات وشركات في قطاع الإنشاءات والأشغال العامة تأتي في هذا السياق، إذ تعتبرها إسرائيل جزءًا من المنظومة اللوجستية التي تدعم حزب الله ماليًا وميدانيًا، مشيرًا إلى أن هذه الاستهدافات مرشحة للتصاعد في المرحلة المقبلة، خاصة في الجنوب.
واختتم حمادة حديثه بالإشارة إلى أن جزءًا من تمويل هذه الشركات يستخدم لدعم الهيكلية العسكرية لحزب الله، وجزءًا آخر يمول المحيط السياسي لحركة أمل والرئيس نبيه بري، بينما تبقى الدولة اللبنانية الطرف الأضعف، إذ تفتقر إلى الرقابة الفعلية والقدرة على فرض الضوابط اللازمة لضمان الشفافية والمحاسبة.
المصدر: لبنان اليوم