كشفت وكالة “رويترز” نقلاً عن أربعة مصادر فلسطينية أن قرار حركة “حماس” بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين دون ضمانات مكتوبة جاء بعد تدخل مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي مارس ضغوطًا غير مسبوقة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعلى رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في سلسلة من الاتصالات التي وُصفت بـ”الحاسمة”.

وبحسب التقرير، فإن نقطة التحول جاءت بعد “حادثة الدوحة” الشهر الماضي، حين شنت إسرائيل غارة على العاصمة القطرية استهدفت قياديين من “حماس” من بينهم رئيس فريق المفاوضات خليل الحية، لكنها فشلت في قتلهم، وأسفرت عن مقتل مدنيين. الغارة أثارت غضب ترامب، الذي طالب نتنياهو بالاعتذار رسميًا لرئيس الوزراء القطري، وهي المكالمة التي عُرفت لاحقًا بـ”مكالمة الاعتذار”. وأكدت المصادر أن هذه الخطوة جعلت قيادة “حماس” تدرك أن ترامب “يقف فعلاً في وجه نتنياهو”، وأنه يمكن الاعتماد عليه لفرض أي اتفاق يتم التوصل إليه.

وعندما تعثرت المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين في شرم الشيخ، قرر رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التوجّه شخصيًا إلى هناك، حيث اتصل ترامب ثلاث مرات متتالية خلال الجلسة الختامية التي حضرها أيضًا مستشاره وصهره جاريد كوشنر والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، إلى جانب ممثلين عن مصر وتركيا وقطر، من بينهم رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن، المقرب من الرئيس رجب طيب أردوغان.

وخلال تلك المباحثات، عرض ترامب ضمانات شفهية لقطر بأن إسرائيل لن تهاجم أراضيها مجددًا، وهو ما عزّز ثقة “حماس” بجدية الهدنة. كما استشهدت الحركة بموقف سابق للرئيس الأميركي خلال الحرب بين إسرائيل وإيران في حزيران الماضي، حين أمر علنًا الطائرات الإسرائيلية بالعودة إلى قواعدها، معتبرةً أن هذه الواقعة دليل على أن “ترامب، رغم طابعه الاستعراضي، ينفذ ما يقوله فعلاً”.

ووفقًا للمصادر، اقتنعت قيادة “حماس” خلال المحادثات بأن استمرار احتجاز الرهائن بات عبئًا سياسيًا وأخلاقيًا، وأن إطلاق سراحهم سيسحب من إسرائيل الذريعة لاستئناف الحرب. أحد كبار المسؤولين الفلسطينيين أوضح أن الحركة توصّلت إلى قناعة بأن الرهائن لم يعودوا “ورقة تفاوض” بل “عبئًا على صورتها”، وأن الإفراج عنهم سيُفقد إسرائيل الشرعية الدولية لمواصلة الهجوم.

ومع ذلك، لم تُوقّع أي ضمانات مكتوبة، إذ اكتفت “حماس” بالتعهدات الشفهية التي نقلتها الولايات المتحدة والدول الوسيطة — مصر وقطر وتركيا — بأن ترامب لن يسمح بتجدد القتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.

الصفقة الجديدة، بحسب المسؤولين الفلسطينيين، تُعدّ “رهانًا محفوفًا بالمخاطر”، إذ ستبقي إسرائيل على وجودها العسكري في نحو نصف أراضي القطاع، بينما أُجّل مطلب نزع سلاح “حماس” إلى مراحل لاحقة. ومع ذلك، فإن الأجواء هذه المرة مختلفة عن اتفاق وقف إطلاق النار في كانون الثاني الماضي، الذي انهار بعد أن طالب ترامب “حماس” بإطلاق جميع الرهائن دفعة واحدة وهدّد بـ”جحيم” على غزة إن لم تفعل.

الآن، يرى الوسطاء أن الجدية الأميركية والقطرية والتركية، إلى جانب الضغط المباشر من ترامب نفسه، دفعت الأطراف إلى الاقتناع بأن الاتفاق هذه المرة قد يصمد. وأشار أحد كبار قياديي “حماس” في حديثه لـ”رويترز” إلى أن “الرهان كبير، لكن هذه المرة يبدو أن ترامب يعني ما يقوله حقًا”.