
ذكر موقع “Center for European Policy Analysis” الأميركي أن “هناك الآن حملةٌ واضحةٌ تُشنّها طائرات روسيا المُسيّرة وأسطولها المُظلل لإحداث اضطرابٍ، بل وفوضىً أحيانًا، في المجال الجوي والممرات البحرية الأوروبية. فكيف يُمكن لحلف الناتو الأوروبي أن يتصدّى؟ الأدلة على تورط روسيا واضحة، ومع أن هذا ليس جديدًا في حد ذاته، إلا أن نطاق عمليات الكرملين آخذ في التسارع منذ هجوم الطائرات المسيّرة على بولندا في 9-10 أيلول، أبرزها تعطيل الطائرات المسيّرة عمليات مطاري كوبنهاغن وميونيخ، وهما من أكبر مطارات القارة، ولكن وقعت العديد من عمليات التوغل الأخرى، بما في ذلك تشكيلات من الطائرات المسيّرة فوق القواعد العسكرية. وقد أوضح القادة الدنماركيون والألمان اعتقادهم بأن روسيا تقف وراء سلسلة الحوادث التي لا تقل عن 42 حادثة حتى 6 تشرين الأول”.
وبحسب الموقع، “كما قال المستشار الألماني فريدريش ميرس في 29 أيلول: “دعوني أقولها في جملة قد تبدو صادمة بعض الشيء للوهلة الأولى… نحن لسنا في حالة حرب، لكننا لم نعد في سلام مع روسيا أيضًا”. ماذا نفعل؟ أولًا، يجب أن يكون الردّ قانونيًا وسريعًا وواضحًا. دعت بولندا إلى إجراء مشاورات بموجب المادة الرابعة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أيلول، ونشر الناتو طائرات نظام الإنذار المبكر والتحكم (أواكس) لتعزيز المراقبة على طول الجناح الشرقي. هذه الإجراءات ضرورية للمراقبة والطمأنة، لكنها تبقى ردود فعل. فزيادة المراقبة تكشف عن المزيد من الانتهاكات دون ردعها، ويستنزف تصاعد وتيرة الأحداث قدرة أوروبا على الاستجابة، تاركًا الحلفاء عالقين في دوامة من المراقبة”.
وتابع الموقع، “أولاً، يجب التعامل مع الطائرات المسيّرة المعادية بطرق لا تُعرّض الطيران المدني للخطر. وتُحذّر يوروكونترول ووكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي (EASA) من أن أجهزة التشويش قد تتداخل مع إشارات الملاحة عبر الأقمار الصناعية، مما يجعلها غير آمنة للاستخدام قرب المطارات. إن النهج الأكثر أمانًا هو الكشف المتعدد الطبقات مع أساليب إبطال غير تشويشية تُنتج أدلة صالحة للاستخدام في المحاكم. ينبغي على الحكومات السماح لفرق مروحيات الشرطة أو الدرك بالعمل بدعم من أجهزة الاستشعار العسكرية، والسماح بأدوات التقاط الترددات الراديوية التي تُلبي معايير الطيران، واستخدام أجهزة التقاط الشباك أو اعتراض الذخيرة القابلة للكسر حيثما تسمح القواعد، والحفاظ على سلسلة كاملة من الحراسة بحيث يُمكن نسب الحوادث علنًا”.
وأضاف الموقع، “ثانيًا، احتجاز سفن الأسطول الخفي قانونيًا لفترة كافية لفرض تكاليف حقيقية. داخل المياه الإقليمية والموانئ، يمكن للسلطات الساحلية ومسؤولي مراقبة دولة الميناء طلب الوثائق، والتحقق من الطواقم ومعايير السلامة، واحتجاز السفن غير الملتزمة بموجب مذكرة تفاهم باريس وإجراءات المنظمة البحرية الدولية. وتستخدم الدنمارك والسويد بالفعل خدمات حركة السفن في المضايق الدنماركية، وهي نقطة اختناق طبيعية. يمكن للسلطات توجيه الناقلات العالية المخاطر للرسو، وفحص سجلاتها وتأمين الحماية والتعويض (P&I)، واحتجازها حتى تصحيح أوجه القصور أو صدور حكم قضائي، ويمكن مضاعفة هذا التأثير من خلال فرق تفتيش مشتركة مدعومة من قبل المدعين العامين عند الطلب”.
وبحسب الموقع، “ثالثًا، الرد على العمليات السيبرانية بالمثل القانوني. يجيز القانون الدولي اتخاذ إجراءات غير ودية، وإن كانت قانونية، تُسمى “الرد بالمثل”، واتخاذ تدابير مضادة متناسبة عند مواجهة فعل غير مشروع. عمليًا، قد يعني هذا تعطيل خوادم القيادة والتحكم المعادية، ومصادرة أجهزة التشويش غير القانونية وأجهزة التحكم في الطائرات المسيّرة، واستبعاد الجهات المخالفة من الاستضافة الأوروبية، وإيقاف عمليات الإرسال غير القانونية. رابعًا، استخدام العقوبات والخدمات البحرية لتعزيز النفوذ في البحر. خفّضت حزمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة سقف سعر النفط إلى 47.60 دولارًا للبرميل بهدف إبقائه أقل بنسبة 15% من سعر خام الأورال. ينبغي على الدول الأعضاء تطبيق هذا في الموانئ والمياه الساحلية من خلال اشتراط وجود تأمين وتسجيل قابلين للتحقق من الحماية والتعويض، وحرمان شركات النقل المتهربة من الخدمات، واستهداف السفن العالية المخاطر من خلال قاعدة بيانات THETIS التابعة للوكالة الأوروبية للسلامة البحرية (EMSA)”.
وتابع الموقع، “خامسًا، تسريع وتبسيط عملية الإبلاغ العام. ينبغي على أعضاء الناتو نشر مسارات الرادار المُتحقق منها، وسجلات التفتيش، أو صور الأقمار الصناعية في غضون ساعات لتوضيح ما حدث، ومنع تكراره، والحفاظ على ثقة الجمهور. وتُوفر الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران (EASA)، واليوروكونترول (EUROCONTROL)، ومنظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) معايير إبلاغ تسمح بنشر سريع وواضح دون الكشف عن معلومات حساسة. يمكن لمراكز العمليات الجوية المشتركة التابعة لحلف شمال الأطلسي في أويديم وتوريخون إدارة بروتوكول إطلاق ثابت لمدة 24 ساعة بحيث ينتج عن كل انتهاك استجابة موثقة، وإذا لزم الأمر، اعتراض متحكم فيه. والسؤال المنطقي هو لماذا لا تُعدّ هذه الخطوات معيارية بالفعل؟ يكمن الجواب في الحدود القانونية، وقواعد سلامة الطيران، ومتطلبات الأدلة الصارمة التي تجعل الحكومات حذرة”.
وأضاف الموقع، “يجب الحصول على موافقة لاستخدام إجراءات مكافحة الطائرات المسيّرة قرب المطارات، ويجب أن تلتزم عمليات الاحتجاز البحرية بالقانون الدولي، ويجب أن يُقدم كل إجراء أدلة دامغة كافية للاستخدام في المحاكم. ولكي تُصبح هذه المقترحات ممارسةً روتينية، فإنها تحتاج إلى تفويضات قانونية صارمة، وإجراءات تشغيل متفق عليها، وموارد لتوثيق كل إجراء ومراجعته بسرعة. فهل سترد روسيا؟ واردٌ جدًا، ولكن يُمكن تخفيف الخطر بالالتزام الصارم بالقانون والتأكيد على السلامة: لا تشويش واسع النطاق قرب المطارات، ولا اعتراضات تنتهك قانون البحار، ولا إطلاقات سرية من أراضي الحلفاء. ومن خلال الحفاظ على قانونية الإجراءات وشفافيتها، يحرم أعضاء حلف شمال الأطلسي روسيا من فرصة التصعيد بينما يفرضون في الوقت نفسه تكاليف حقيقية على حملاتها الخفية”.